الفصول التى رتبتها الكنيسة للقراءة فى هذا الصباح ، كلها الحقيقة لها معان عميقة ، وتحتاج أن الإنسان يقف أمامها ويتأملها، خصوصا ونحن فى هذه الفرصة المباركة .
فالفصل الذى قرأناه من البولس وهو مأخوذ من الإصحاح الثانى عشر من رسالة القديس بولس إلى رومية أو إلى روما ، فيه كلام ينفعنا جميعا ونحن جميعا سائرون فى طريق السماء .
” لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ، ( مواهب ، ليست موهبة واحدة ، لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ) أنبوة فبالنسبة إلى الإيمان ، أم خدمة ففى الخدمة ، أم المعلم ففى التعليم ، أم الواعظ ففى الوعظ ، المعطى فبسخاء ، المدبر فباجتهاد ، الراحم فبسرور ، المحبة فلتكن بلا رياء ، كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير، وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخوية ، مقدمين بعضكم بعضا فى الكرامة ، غير متكاسلين فى الاجتهاد ، حارين فى الروح ، عابدين الرب، فرحين فى الرجاء . صابرين فى الضيق مواظبين على الصلاة، مشتركين فى احتياجات القديسين ، عاكفين على إضافة الغرباء، باركوا على الذين يضطهدونكم ، باركوا ولاتلعنوا ، فرحا مع الفرحين ، بكاءً مع الباكين، مهتمين بعضكم لبعض إهتماما واحدا، غير مهتمين بالأمور العالية ( الأمور العالية معناها المراكز العليا أو شىء من هذا القبيل) بل منقادين إلى المتضعين، لا تكونوا حكماء عند أنفسكم ، لا تجازوا واحدا عن شر بشر ، معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس ، إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس . لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل اعطوا مكانا للغضب ، لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب . فإن جاع عدوك فاطعمه ، وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه . لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير “.
جميل جدا هذا الفصل الذى قُرأ علينا هذا الصباح ، وفيه كل المبادئ المسيحية ، التى بها يسمو الإنسان فوق الشر وفوق الضعف، وبها أيضا يخدم الله ويخدم الآخرين من بنى الناس .
نحن خُلقنا للعمل ، لم نُخلق لتسير حياتنا على وتيرة واحدة ، ولذلك جميل أن الله أعطانا مواهب ، كل واحد فينا له موهبة ، فمن هنا كل منا يمكنه أن يعطى وأيضا يمكنه أن يأخذ .
عظمة الخالق أنه لم يخلق إنسانا يملك كل شىء ، إنما كل واحد له موهبة ، ومعنى الموهبة عطية من الله ، إنما معطاة لك ياإنسان كوزنة لكى تتاجر بها ، تخدم بها سيدك الذى خلقك ، وتخدم بها الناس الذين خلقهم الله أيضا على صورته ومثاله .
عليك أن تكتشف أيها الإنسان موهبتك ، لا تقل أننى غير موهوب، أبدا أبدا أبدا ، أنت موهوب ، ولك هبة ، لا يوجد إنسان غير موهوب ، ليست المواهب هى المال ، مواهب مختلفة ، بعضها عقلية ، وبعضها روحية ، وبعضها مادية ، وبعضها إمكانات فكرية، فى الابتكار وفى الخلق وفى الإيجاد ، لا يوجد إنسان منا إلا وله موهبة يمكنه بها أن يتاجر وأن يربح ، ولا يوجد إنسان يملك كل شىء ، كل إنسان منا يملك شيئا يعطيه لغيره ، ولكن أيضا ينقصه شىء يأخذه من غيره .
عظمة الخالق لهذا المجتمع لكى يكون مجتمعا ناجحا ومترابطاً ، التكافل الاجتماعى هو الذى من أجله وزع الله مواهب مختلفة ، يشعر كل واحد أنه يقدر أن يعطى ، وأيضا يأخذ لأنه ينقصه شىء ، لا يوجد إنسان يملك كل شىء ، ولا يوجد إنسان لا يملك شيئا ، لا .. أنت عندك موهبة ، عليك أن تكتشف هذه الموهبة .
فهنا يكلمنا الكتاب المقدس عن أنواع مواهب مختلفة ، وحتى فى مواهب الخدمة فى الكنيسة ، هذا له موهبة النبوءة ، وأيضا موهبة التعليم ، وموهبة الوعظ ، وموهبة العطاء للآخرين ، مواهب مختلفة. وهذه لخير المجتمع . الله خلق هذه الأشياء لكى يشغلها ، وبها نمجد الله ونعمل عمل الله لأن الله صانع الخيرات ، وبه أيضا نخدم بعضنا البعض وبهذا تزداد المحبة بيننا وبين البعض ، لأنك أنت لست بمنعزل، ولكن تعطى هذا الأخ أو ذاك الأخ يعطيك ، إن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه ، لا يغلبنك الشر ، بل أغلب الشر بالخير . هذه هى الإيجابيات التى علمنا إياها المسيح .
هذه المعانى الجميلة نذكرها بهذه المناسبة الجميلة ، مناسبة ذكرى البابا كيرلس السادس الرجل الموهوب ، موهوب بمواهب مختلفة ، لم تكن مواهبه ظاهرة فى حياته كمثل ما ظهرت بعد ذلك. لأنه كان راهبا حبيسا ، أغلق على نفسه الأبواب ، لكى يعطى لنفسه فرصة النمو الروحانى ، وفتح الأبواب المغلقة للتأملات العالية ، وفعلا البابا كيرلس على الرغم من أنه كان رجلا يميل أكثر إلى الصمت وعدم الكلام ، لكن ما من كلمة قالها إلاّ وكانت هذه الكلمة لها معناها ومبنية على قواعد ، ومبنية على أشياء كثيرة ، كان أحيانا يكلم واحداً كلمة فتكون هذه الكلمة رسالة لهذا الإنسان ، يكون هو بحاجة إليها وتنفعه فيما بعد فى حياته ، هذه ليست صفة الإنسان العادى إنما الرجل خزن الكثير اختزن لأن حياته كراهب جعلته يختزن بالدخول إلى الأعماق ، لا يقنع بالسطوح ، قليلا ما كان الرجل يتكلم ، ولكنه كان يتأمل والتأمل دخول فى عالم وراء المنظور .
واليوم أكثر مما كان فى حياته ظهرت مواهب الرجل . واليوم أقول أيضا أن مواهبه فى العمل والخدمة زادت أضعافا أضعافا أضعافا ، نمى فى المعرفة ، ونما فى الروحانية ، وأيضا فى القدرات والإمكانات والمساعدات والمعونات التى يعين بها الآخرين.
ماذا أقول ؟ .. كل يوم الإنسان يسمع شيئا جديدا ، ومن أشخاص من بلاد مختلفة ، الرجل يتحرك ، يتحرك فى كل بلاد العالم إلى جانب بلادنا المصرية ، عندما كان على الأرض كان هذا الجسد يعوقه .
البابا كيرلس من مواهبه الروحية كانت روحه تخترق جسده ، لأنه وصل إلى درجة السياحة مثل الشمس عندما تدخل من داخل لوح الزجاج ، يكون الشباك مغلقاً لكن الشمس تنفذ من وراء الشباك المغلق، كذلك أرواح القديسين العالية تكون عندها من الشفافية والقدرة أن تخترق الجسد ، كان هذا فى حياته ولكن قليلا من الناس كانوا يعرفون أن هذه الصفة عنده ، كان ينتقل إلى بعض الناس فى بيوتات بعيدة وفى بلاد أخرى وهو فى الجسد ، ويؤدى خدمات ومعونات ومساعدات، لكن اليوم أكثر وأكثر وأكثر مما كان قبل ذلك .
كل يوم ياأولادنا نسمع شيئا جديدا أُناس جدد غير الذين سمعناهم قبل ذلك ، كل يوم ، من قريب أحضروا لى سيدة من أسيوط مصابة بالسرطان فى الصدر ، وتوجد شهادة طبية وبالإنجليزية تقرير من المستشفى أن حالة السرطان فى الصدر كله، واستغاثت بالبابا كيرلس مثل ما يحدث باستمرار ، فظهر لها البابا كيرلس وشفاها شفاءً تاما ، وكتب لها بخط يده على ورقة وصلتنى هذه الورقة ، بخط يده كلمات روحية جميلة . فهو يعمل وبقوة .. وهذه السيدة بعد أن ظهر لها ، فى المكان الذى ظهر فيه كان هناك سجادة، فأخذتها ونفضتها من البلكون فإذا امرأة غير مسيحية فى الشقة التى تحتها كانت مشلولة شللا كليا فشفيت .
حقيقة هذا الرجل الآن هو حى مثل القديسين بل هو يتحرك ويعمل بإمكانات وقدرات واسعة ، وهناك أُناس من الروحانيين ترقوا ، وشغلوا فى السماء مهمة ومركز وسلطة . قليلون الذين يعرفون هذا الكلام .
هذا الإنسان وهذا الرجل ليس فقط حى ، أنه يتحرك ويعمل بأكثر مما كان على الأرض . فى كندا ، وفى ألمانيا ، وفى النمسا وفى أى بلد ، كل يوم نسمع أخباراً مذهلة لغير المسيحيين .
لا شك أن هذا مَجَّدَ ربنا يسوع المسيح ، ونحن فى الزمن الحاضر الذى يمكن فيه أن نستقبل ظروفاً صعبة لأننا اقتربنا على المجىء الثانى، لذلك هناك كثير من الاضطرابات فى العالم كله ، وانقسامات فى كل دولة وانقسامات داخلية فى كل مكان وفى العائلات أيضا ، وفى السودان ، وفى افغانستان ، وفى لبنان ، وفى قبرص ، وفى كوريا ، وفى كل البلاد ، وفى المستقبل الشيطان سيُطلق من سجنه . وهذا ماقاله سفر الرؤيا أو الجليان أنه إذا تمت الألف سنة يحل الشيطان من سجنه لكى يعمل الضلالة العظيمة ، جاء فى رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى تسالونيكى يقول ، ” لا يأتى المسيح فى المجىء الثانى ما لم يأتى الإرتداد أولا ” الإرتداد ، ثم يستعلن إنسان الخطيئة ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يسمى إلها ، والإرتداد نوعان هناك إرتداد عقائدى وهو الإلحاد والشيوعية واللادينية وما إليها والإرتداد الأخلاقى وهو الإنحلال والخطيئة وما إلى ذلك . ويقول أن العلامة الثانية قبل المجىء الثانى ” ويُستعلن إنسان الخطيئة ابن الهلاك ” وهو الدجال ، نحن نسميه الدجال ، لكن بالنسبة لإسرائيل هو المسيح الملك الذى ينتظرونه لكى يجعل منهم مملكة .
أمور كثيرة ستحدث ، ومن هنا خدمة البابا كيرلس لنا الآن ، لتثبيت الإيمان ولكى نقدر أن ننتصر على الظروف الصعبة ولكى لا ننكر المسيح كما يحدث فى بعض الأحيان نظرا للضلال والشر ممكن للإنسان أن يترك الإيمان . هناك أخبار محزنة فى بعض الأحيان نسمعها عن أشخاص تركوا الإيمان إما تحت الاضطهادات والمضايقات، أو شىء من هذا القبيل ، أو طمعا فى مركز أو منصب أو ترقية وما إلى ذلك . كل هذا يحدث الآن ، أرقام ، الإنسان غير قادر أن يصدقها .
فاليوم عندما يكون واحد مثل البابا كيرلس يتحرك ، هذه الخدمة التى يؤديها عظيمة ، لنا ولغيرنا ، هنا يُثَّبت الإيمان لكى لا يضيع الإيمان ، والإنسان لا يكفر بالله أو يقول أين ربنا ولماذا تركنا ؟ لماذا يترك ظروفنا تسوء بهذا الشكل ؟ لا .. كن مطمئناً أن هناك قديسين اليوم يحاربون حروب الرب ، يشتغلون فى مملكة المسيح ، ولهم قدرات وإمكانات ، وهذه القدرات والإمكانات قوية وتقدر أن تغلب وتحطم وتضع حدا لشر الشيطان .
نحن مديونون لهذا الرجل ، مديونون كثيرا للبابا كيرلس السادس ولكن أحب أن أقول وأؤكد تماما ، أن الرجل كل وقته بين العبادات والتسبيح ، وأيضا الخدمات التى يؤديها فى كل العالم ، يسدى خدمات بإمكانات وقدرات أوسع مما كان .
وطبعا أذكر فى هذا الوقت أيضا قديسين آخرين من أمثال مارمينا ومارجرجس وأبى سيفين ، كل هؤلاء الذين عبروا للعالم الآخر ، اليوم يعملون فى الكون كله ، ” بما أنك كنت أمينا فى القليل أقيمك على الكثير” كلهم ترقوا وعندما الواحد يرتقى يأخذ إختصاصات أكبر مما كانت له على الأرض .
فياأولادنا افرحوا ، افرحوا فى الرب وأقول أيضا افرحوا ، لا نيأس أبدا ، هناك محاربون يساعدوننا ، ويسندوننا ، وقدرات وإمكانات . البابا كيرلس واحد منهم ، لكن أيضا شهداء كثيرين ، اليوم يعملون ويعملون بقوة ، لا ينامون ، لا نوم ولا أى معطل آخر، ولا مرض ، لا يجوعون ولا يعطشون ، لا يوجد أى شىء يعطلهم ، كل وقتهم خدمة ، خدمة لله فى العبادة وأيضا يتحركون فى العالم كله.
هناك أشياء نحن لا نراها ، ويمكن الذى نراه أشياء بسيطة ، أنت تسمع قصة واحدة ، لكن هناك خدمات أخرى غير منظورة موجودة.
فنحن الحقيقة فى هذا اليوم نريد أن نحييه ، ونبين له أننا متشكرون ومدينون له بالكثير ، وأيضا نستعين به ، هذا الرجل قدراته كثيرة جدا، ربنا أنمى الفضائل التى فيه والمواهب التى فيه . فأصبحت مواهب كبيرة ، ويقدر على أشياء كثيرة جدا من التى نحن محتاجون لها والتى تخطر لبالنا ولكن لا نقدر عليها ، كل هؤلاء فى عوننا .
البابا كيرلس والشهداء والقديسون فى معاونتنا ومساعدتنا ، نذكرهم بالخير ونطلب صلواتهم وشفاعتهم ، لإلهنا الإكرام والمجد إلى الأبد آمين .