” كما يشفق الأب على البنين يشفق الرب على خائفيه ”
أيها الأبناء كان المتنيح الطوباوى حقيقة بابا ، وكلمة بابا هى الكلمة التى يرددها الأطفال ، حينما ينادى الطفل أباه يقول يابابا ، هذا الرجل كان له قلب أب ، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، ودون أن يتكلم كثيرا ، كان يشعر ويحس الإنسان عمليا أنه حقا بابا، وأبوته كانت للأقباط جميعا ، للكهنة وللشعب ولكن أيضا كانت أعم من هذا ، كان أبا لكل المصريين ، كان أبا للمسيحيين وكان أبا لليهود وكان أبا للمسلمين.
لا أنسى أحد المسئولين فى سنة 1972 قبيل أن نسافر إلى روسيا ففى سراي رئيس الجمهورية رجل مسئول ، لأول مرة اسمعه ولأول مرة ربما أراه ، افتتح الحديث عن البابا كيرلس الذى كان قد تنيح ، يقول هذا الرجل من الواصلين ، كل صباح الساعة 30ر8 صباحا لابد أن اتصل به لآخذ بركته ، كل صباح هذا الرجل يحدثنى عن أمور فى بيتى ، يقول لى سيحدث ويحدث لا تخف نحن نصلى لك ، عندما أكون مسافراً للخارج لابد أن أمر عليه لآخذ بركته ، وكان الرجل يتحدث من القلب عن البابا المنتقل أنه من الواصلين وأنه رجل بركة. وعلى الرغم من أن هذا الرجل غير مسيحى لكن كان يرى فى البابا كيرلس أب ، أب له شخصيا ، وليس هو الوحيد بين المسئولين فى الدولة الذين وصل إليهم شعوره ولمسوه .
لم يكن الرجل يتكلم كثيرا ، ولكن محبته الحقيقية قادرة على أن تصل ووصلت ، وكان هؤلاء المسلمون يرون فيه رجل الله، ويرون فيه أب لهم ، زال تلقائيا الإحساس بأنه مسيحى وأنه أبو المسيحيين .
وأيضا كان رجال الدين والشعب من الكنائس الأخرى يرونه أبا لهم.
أحد مطارنة الروم الكاثوليك وهو صديق ، كان يقول ” هذا الرجل بابا الشرق فى مقابل بابا الغرب ” ، مطران كاثوليكى للروم الكاثوليك كان يتحدث معى ويقول ” نحن نريد هذا الرجل بابا الشرق ” ، وماذا أقول بطريرك الروم الأرثوذكس كان مريضا فى الأسكندرية فلما ذهب البابا كيرلس إلى الأسكندرية ذهب إليه محمولا فى كرسى، فأشفق البابا عليه وقال له أنت تأتى لى فى هذه الظروف ، كنت أنا أذهب إليك ، فقال له : “لا، أنا الذى أسعى إليك ” ، الدكتور ابراهيم سعيد رئيس الطوائف الإنجيلية كان يذهب إلى البابا كيرلس وكنت أراه هناك وفى حضرته ينسى أنه رئيس الطوائف الإنجيلية ، وإذا به أمام البابا ويرى فيه الأب، الأب للكل ، والأب يحنو عليه ويدعوه أن يدخل ويصير من خدام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، ولا يتحرج الدكتور إبراهيم سعيد من أن يتكلم معه البابا بهذا الأسلوب ، لأنه فعلا فعلا كان الدكتور إبراهيم سعيد رئيس الطوائف الإنجيلية يرى فى البابا كيرلس بابا ، بابا بمعنى الأب ، الأب لا كرئيس للكنيسة الأرثوذكسية ولكن الأب أيضا للإنجيليين وللبروتستانت وللكاثوليك .
لذلك ماذا رأينا فيه ؟ رأينا كلمة البابا تنطبق عليه تمام الإنطباق ، بابا للكل على اختلاف الأديان – نعم وعلى اختلاف الكنائس – نعم، من دون أن يتكلم ، يلمس الناس شيئا ، مغناطيسية روحية تمغنط من أمامه وتقضى على كل أنواع التعصب والكراهية والتزمت وتنحل الفروق .
لذلك فإن البابا فى صمته خدم المسيح ، خدم المسيحية ، لم يذهب البابا كيرلس فى سنة 1968 إلى روما ، أوفد عشرة من الآباء المطارنة والأساقفة المصريين والأثيوبيين . ولكن أقول أن البابا بولس السادس كلمته التى ألقاها كلمة كلها احترام وإجلال لهذا الرجل الذى سيرته وروحانيته عطرت المسكونة كلها ، كلمات التقدير والاحترام والاعزاز والاجلال التى قالها البابا بولس السادس عند تسليمنا لرفات مارمرقس الرسول ، مع أنه لم يره لكن كان فى البابا كيرلس شىء يخترق الأماكن ويخترق الزمان ، شىء من الله ، لكن لأن علاقته الروحانية كانت علاقة حقيقية صامتة روحانية ، كانت له هذه الكهرباء الروحية .
أقول حقيقة أن جميع الذين عرفوه لمسوا أبوته ، استطاع بهذه الأبوة أن يقضى على كل تعصب وعلى كل كراهية وذلل بصلواته عقبات كثيرة كانت تقف أمام أولاده تذللت بمفردها بدون سعى ، سمعتها من ثلاثة من الوزراء فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، من ثلاثة وزراء قالوا أن الرئيس يقول ” لا يوجد أحد خدمنى قدر ما خدمنى البابا كيرلس ، وكل ما يطلبه البابا كيرلس يُجاب” فى مواقف متعددة كان الرئيس عبد الناصر يستجيب بسرعة .
وهذا هو عمل الله مع الرجل بعد قطيعة فى مبدأ الأمر أربع سنوات لكن بعد ذلك تغير الجو تغيرا كليا ، وصار الرئيس عبد الناصر يشعر بأنه فى حاجة إلى صلوات هذا الرجل .
وماذا أقول ، الرئيس الراحل أنور السادات يوم أن ذهب البابا كيرلس ومعه الأساقفة والكهنة لتأييد ترشيحه وتأييد الهيئات البرلمانية لترشيحه ليكون رئيسا للجمهورية بعد وفاة الرئيس عبد الناصر .
بعد أن ألقينا كلمة نيابة عن البابا ، قال : أنتم لا تعرفون ربما علاقتى بالبابا كيرلس ، قداسة البابا وأنا من بلد واحد ، أنا أعرف تاريخ بلدى وأعرف أن كنيسة الأسكندرية كانت منارة عالية فى سماء المسيحية ، وقد آن الأوان بأن تسترد كنيسة الأسكندرية مكانتها الأولى، وإنى أثق أن البابا كيرلس هو الرجل الذى سيحمل هذه الآمال .
وفى سنة 1981 التى احتفلنا فيها بمضى عشر سنوات على وفاة البابا كيرلس ، أبدى الرئيس محمد أنور السادات رغبته فى أن يأتى وأن يلقى خطابا فى هذه المناسبة ، ونقل إلىّ أحد المسئولين هذه الرغبة، غير أن هناك من نصحه فأجل هذا الموضوع ، إنما أبدى رغبته من شدة حبه وإعجابه بالبابا كيرلس السادس أنه يأتى بمناسبة عشر سنوات على إنتقاله ويلقى خطابا يعبر به عن احترامه.
وماذا أقول يوم أن تنيح البابا كيرلس السادس ، كل أجهزة الدولة نعوه ، كل وزارة ، كل وزير ، ولكن لم يكن النعى مجرد تعبيرات رسمية . صدقونى أن صفحات الجرائد فى هذا اليوم صحيفة فخار للبابا كيرلس ، لأن كل وزير نعاه من قلبه ، كانت الألفاظ ليست مجرد ألفاظ رسمية ، إنما كانت تعبيرات تدل على الاحترام الحقيقى والاعجاب والإيمان بروحانيته وتقواه .
إذا كان البابا كيرلس حقا أب ، أب للجميع ، أحبه الكل وعرفه من دون كلام ، أن هذا الرجل له قلب أب نحو الجميع .
وماذا أقول .. البابا كيرلس أفراد شعبنا فردا فردا كان الكل يحس بأبوته ، صدقونى أشياء لا تعقل ، كنا نسمع عنها ، من يعقل أن الرجل وهو حى كان ينتقل إلى بيوت بعض الناس ليعينهم . يشفى مريضا أو يزيل خوف إنسان ، كان يذهب بنفسه وهناك دلائل كثيرة لا مجال للحديث عنها . كان يذهب بشخصه ، لم يكن حلماً عادياً ولا رؤية عادية، وكان هو نفسه يردد هذا الكلام ، يردد للشخص ” أنا كنت عندك” ، وحقيقة لأنه ذهب لكثيرين يلمس مشكلة كل واحد ، أب ، كان يرى فى نفسه حقا الأب الحقيقي الطبيعي لكل واحد من شعبه وليس فى مصر فقط ، البابا كيرلس ذهب إلى أُناس فى ألمانيا ، ذهب إلى كندا ، ذهب إلى الكونغو ، ذهب إلى السعودية، واحد أرسل لى خطاباً من السعودية يقول : لى عدد من السنين لا أقدر أن أحضر ، ذهب إليه البابا كيرلس وناوله من الأسرار المقدسة ، فى السعودية ، شىء عجب، أحداث لم نكن نسمع عنها ولا فى الكتب . فى ألمانيا ، فى الولايات المتحدة الأمريكية ، فى النمسا ، فى إنجلترا ، فى فرنسا ، فى حياته وبعد نياحته، فى موسكو ، فى لننجراد ، ذهب إلى كل هذه المناطق ليغيث إنسانا ، ليخفف لوعة إنسان ، لينقذ إمرأة فى حالة الوضع من الموت المحقق. يتحرك فى العالم كله . شابة دكتورة فى كندا كانت أصيبت بسرطان والذى يعالجها طبيب هندى ، ديانته بوذية ، وكان السرطان وصل إلى آخر مرحلة ، انتشر فى جسمها كلها ، وسمعت عن شال للبابا كيرلس السادس وجاء أخوها وأحضر لها شال البابا كيرلس ووضعت الشال على جسمها فشفيت . فالطبيب البوذى ذهل ، ذهل ، وآمن أن هذه معجزة وليس لها تفسير آخر .
البابا كيرلس أوصل رسالة المسيح إلى هذا الإنسان البوذى فآمن ، لا أعرف إذا كان أعلن إيمانه أو لا .. لكن شعر بأن هذا شىء غير عادى فى المسيحية ، أية رسالة صنعها البابا كيرلس لهذا الإنسان ، للبوذيين ، للمسلمين ، لليهود، للمسيحيين ، للكاثوليك ، للبروتستانت ، لكل واحد .
هذا الرجل حل مشاكل بأبوته ، رتق الخروق ، ربط المسيحيين والمسلمين بمحبة ، الكل كان يحس أن هذا رجل الله ، حتى الأفراد الصغار وليس فقط الكبار المسئولين .. لا .. الأفراد العاديين .
سيدة فقيرة احتاجت لمبلغ من المال مسلمة ، بعد حياته ذهب إليها وقدم لها المال المحتاجة إليه ، بضعة جنيهات فى حاجة شديدة إليها ، وهى كانت حكيمة فى المستشفى ، وقال لها : عندما تحبى تردى المبلغ وصليه لدير مارمينا . أنا كنت هناك فى دير مارمينا، وجاءت هذه السيدة بعد مجهود لم تكن تعرف أين دير مارمينا وكيف تذهب ، وكان نيافة الأنبا مكسيموس حفظ الله حياته كان موجوداً فى الدير وقتها . فلما جاءت السيدة ورأت صورة البابا كيرلس فى الدير ، قالت هو هذا الرجل الذى جاء لى وأعطانى المبلغ وأنا حضرت لأرده . هذه سيدة مسلمة لكن كانت فى ضيقة ، انظروا أبوته وصلت لأى مرحلة ، ليس فقط للكبار ، حتى للصغار، للأفراد العاديين يحل مشاكلهم ويذهب لهم فى حياته وبعد نياحته .
بعد نياحته بعدد من السنين يوم الأحد جاء واحد يسأل الأستاذ عزمى موجود ، عزمى !! واحد من الإكليريكيين سأله من عزمى ؟ قال له تلميذ سيدنا البابا ، كان مرت عدد من السنين على إنتقال البابا.. قال الرجل : نحن كنا أمس فى الطريق الصحراوى ، وتعطلت بنا السيارة ووقفت ولم نعرف أن نخطو أى خطوة، أو نجد أحداً يسعفنا ، فجأة وجدنا البابا كيرلس فى سيارة سوداء ، وقال له ياعزمى (عزمى كان سائق سيدنا البابا ) انزل اربط عربيتهم بعربيتنا ، فنزل عزمى وربط العربية بسيارة البابا كيرلس ( العربية السوداء كانت وقتها فى الدير المحرق ، عند الأنبا أغاثون ) وأوصلنا حتى فندق مينا هاوس ، بعد ذلك يقول : أنا نزلت لكى أقدم الشكر لم أجدهم ، فحضرت إلى الأنبا رويس أبحث عن الاستاذ عزمى سائق البابا كيرلس لكى أشكره . تصوروا وهذا رجل مسلم ، فى الطريق ، فى السكة ، أغاث كل إنسان فى ضيقة حتى لو كان من أى دين .
هذه السيدة المحتاجة لمبلغ عدد من الجنيهات وهى سيدة مسلمة هذه هى الأبوة ، هذا هو القلب الذى يحس بتجربة هذه المرأة أو هذه السيدة ويحضر حتى عندها ويقدم لها المبلغ . هذا هو الأب وهذا القلب الذى يتحرك ليغيث إنساناً فى الطريق . لا أحد أبدا أبدا كان يفهم أن سيدنا البابا ليس للمسيحيين فقط ، وهذا هو المفهوم الصحيح لرسالة الإكليروس فى المسيحية .
الأنبا ابرآم أسقف الفيوم كان واحداً من إخوانا المسلمين أيضا كان فى ضيقة أو فى حاجة ذهب إليه وقال له أنا قلت أذهب لأسقف النصارى ، قال له أنا لست أسقف النصارى لوحدهم !! لا ياابنى أنا أسقف الكل ، وفعلا ، لذلك يوم نياحة الأنبا ابرآم أسقف الفيوم كان الذين شيعوه من المسلمين أكثرمن الذين شيعوه من المسيحيين .
البابا كيرلس عندما ذهب المنيا واستضافه واحد من الكبار اسمه لملوم باشا ، فلما استضافه فى بيته نحر إثنين من العجول فالبابا استكلف ، فحلف بالعظيم وقال : ” لو أباح الشرع لذبحت ابنى ، هو دخولك فى بيتى هذا قليل ” ، انظر الرجل حلف بالعظيم قال لو أباح الشرع لذبحت ابنى . هذه هى المشاعر ، ما الذى يدفع هذا الرجل أن يقول ذلك ، انحل التعصب والكراهية والإحساس بأن هذا بابا المسيحيين فقط ، لا .. ليس للمسيحيين فقط ، هذه الأبوة ، تجعل الواحد بدون كلام يحسها . ومن الذى يحسها ؟ الذين نقول أنهم غير مسيحيين ، يحسونها لوحدهم كيف ؟ إذن فعلا هذا الرجل قلبه من الداخل ، الإنسان كهرباء ، كيف الإنسان يحس ، إنسان يحس لوحده وبدون كلام ، لأن الإنسان تخرج منه إشعاعات وكهرباء ومغناطيسية تجعل الشخص الآخر يعرف بدون أن يشرح له أحد ، والحمد لله البابا كيرلس السادس أشعر الكل فى مصر وخارج مصر ، المسيحيين الكبار والمسيحيين الصغار ، المسلمين الكبار والصغار ، الأديان الأخرى ، والكنائس الأخرى ، بطريرك الروم الأرثوذكس ، بطاركة الكاثوليك ، البروتستانت ، بهذه الأبوة ، أحس الكل أن الرجل له قلب أب .
لذلك عندما نقول البابا كيرلس حقا هو بابا ،.. بابا .. الكل يقول يابابا لأنه أب وأبوته عميقة وصادقة وروحانية كاملة ، وبها حل مشاكل كثيرة ، قضى على أمور كثيرة ، رتق ووحد وجمع بين المصريين وغير المصريين ، بين المسيحيين وغير المسيحيين . بهذه الأبوة حقيقة هو أب ، جعل الكل يشعر أننا نحن كلنا أسرة واحدة فى مصر ، لا أنسى شيوخ الجامع الأزهر كانوا يذهبون إلى البطرخانة ويجدون فى البابا كيرلس السادس ، الشخص الذى يحترمونه ويعتبرونه أباً . رأيت بنفسى وشاهدت بنفسى شيوخ الجامع الأزهر فى مناسبات كثيرة ، كيف يأتون بكل الاحترام والاعزاز والاحساس بأن هذا الرجل ليس مجرد رجل رئيس المسيحيين أو رأس الكنيسة المسيحية ، لا .. قضى على الفروق بمحبته وأبوته وجعل الكل معا .
أنا لا أنسى يوماً فى سنة 1968 عندما ذهبنا مديرية التحرير ، كان عقب هزيمة 67 وكان هناك أزمات حدثت ، فجاءت الفكرة ، الحقيقة الفضل للرئيس عبد الناصر فى هذا ، فشيوخ الأزهر أولا حضروا إلى البطريركية ، ثم مجموعة من المطارنة ذهبنا إلى الأزهر ، ثم حدث أن ألقينا كلمة عامة وبعد ذلك جلسة مغلقة وبعد ذلك اتفقنا على أن نعمل بياناً يوقع عليه البابا كيرلس وشيخ الجامع الأزهر ، وعمل البيان فى الأنبا رويس وجاء مدير العلاقات العامة فى الأزهر ، الله يرحمه كان اسمه عبد الحكيم سرور ، إلى الأنبا رويس وكتبنا البيان معا وتلقفته الصحافة ، بعد ذلك ذهبنا إلى مديرية التحرير ، وعملنا قداساً فى كنيسة الملاك غبريال وحضر الشيخ عبد الحكيم سرور مدير علاقات الأزهر ، وبعد القداس ألقى كلمة طيبة وبعد ذلك ذهبنا إلى المسجد ، وكان يوم جمعة ودخلنا المسجد وبعد أن صلوا ، الدكتور عبد الحكيم سرور ألقى الكلمة على المنبر وبعد ذلك طلب منى أن أقف على المنبروألقى كلمة ، هذه أول مرة فى حياتى أقف فى هذا الموقف ، ونلقى كلمة . وشاء الله أن هذه الكلمة شرحنا فيها أن اليهود أعداء ، لأن وقتها كان يقال بعض الكلام نتيجة هزيمة 67 فأردنا أن نعالج الموضوع بطريقة إيجابية ، فقلنا أن اليهود أعداء المسيح ، وأعداء المسيحيين قبل أن يكونوا أعداء المسلمين ، وهم الذين صلبوا المسيح ، وهم الذين اضطهدوا الآباء الرسل ، حتى لا يظنوا أننا متعاونون أو هناك صداقة بين اليهود وبين المسيحيين . لا .. اليهود أعداء المسيحيين قبل أن يكونوا أعداء المسلمين بسبعة قرون .
الأمر الثانى الذى ركزنا عليه أن موقف أمريكا ليس هو من منطلق مسيحى ، هذا موقف سياسى نتيجة الضغط اليهودى وأهمية اليهود فى الكونجرس هناك ، وأيضا اليهود هم قوة إقتصادية ولهم أثر حتى لايظنون أن موقف أمريكا فى تأييدها لإسرائيل من منطلق مسيحى إنما هو منطلق سياسى .
أقول لكم فى الحقيقة الكلمة كانت فى حدود ثلث ساعة تقريبا ، جميع الذين فى المسجد وعشرة أمثالهم خارج المسجد عانقونا وقبلونا بفرح شديد ، وأقول هذا يعد من أسعد الأيام ، وكنا عبد الحكيم سرور وأنا نمشى فى وسط الجماعة المغتربين الذين جاءوا من السويس وغير السويس وإخوتنا الكاثوليك كاريتاس أحضروا حاجات عينية للعطاء ووزعناها على الناس ، المسلمين والمسيحيين . صدقونى كان يوما سعيدا سعيدا جدا ، يوم أن رجل الدين المسيحى ورجل الدين المسلم يسيران معا بمحبة كبيرة جدا ، هذه المحبة حلت أموراً وحلت مشاكل وانتهت ، وكان يوما مجيدا .
الحقيقة هذه سياسة البابا كيرلس ، سياسة الأب الذى أَََشعر الكل بدون كلام أنه حقيقة أب ، أب للكل ، وكان يقول أنا وشيخ الأزهر نضع أيدينا فى أيدى بعض ونمشى فى مصر ، لكى نعلن للكل محبتنا ومودتنا وأننا يد واحدة ، وفعلا أبدى كل الإستعداد أنه يضع يده فى يد شيخ الأزهر ويمشى فى الشوارع لكى يؤكد المحبة والتضامن والتعاون بين المسلمين وبين المسيحيين .
هذه سياسة الرجل ، أقول هذه ليست سياسة ولكنها روحانية ، ليست سياسة بالمعنى الذى يقولونها بالمعنى البشرى ، إنما سياسة بالمعنى الاشتقاقى للتدبير ، سياسة روحانية ، سياسة الأب الذى أشعر الكل أنه أب فعلا وأنه عندما يتكلم ، يتكلم من قلبه ولذلك وصلت رسالته بدون برهنة وبدون تدليل وبدون أى مناقشة ، ووصلت وحققت لمصر وللأقباط وللمسيح وللمسيحية فى مصر وخارج مصر فى كل بقعة فى المسكونة وفى كل موضع ، البابا كيرلس أوصل رسالة المسيح، أوصل رسالة المسيحية بأسلوب عملى ، بأسلوب الروحانية الصادقة والأبوة .
ماذا أقول ، نحن فى حاجة إلى صلواته وإلى دعواته وإلى بركاته وأؤكد لكم تماما أن البابا كيرلس حى ليس فقط بالمعنى العام لكل المنتقلين لا .. إنه يتحرك فعلا عمليا فى بلدنا وخارج بلدنا ، كما كان وهو على الأرض ، وهو حى بالجسد كان ينتقل ، هو اليوم أيضا ينتقل. ولكن أيضا أضيفت إليه خدمات أخرى فى العالم الآخر لأنه هو ترقى وأخذ مسئوليات ، ” كنت أمينا فى القليل أقيمك على الكثير ” فهناك أُناس فى حاجة إليه غير عالمنا هذا ، فى العالم غير المنظور ، وهو يؤدى هذه الخدمات أصبحت مسئولياته كبيرة ، ليس عنده نوم ولا مشكلة مواصلات ، كل الوقت عبادة ، عبادة ، هناك أُناس يرونه باستمرار يقدم القداس ويناول الناس ، وأيضا إلى جانب العبادة الروحية خدماته لعالمنا ولخارج عالمنا . ليس فقط العالم الخارجى فى أوربا وأمريكا واستراليا وما إليها ولكن أيضا فى العالم الآخر ، يؤدى خدمات، هناك أُناس محتاجين إليه . وهنا أيضا بأسلوب منظور وأسلوب غير منظور وبطرق مختلفة .
أقول إننا نشكر الله الذى أعطانا هذا الرجل ورأيناه بعيوننا واستفدنا منه وأفاد كنيستنا وفوائد البابا كيرلس لكنيستنا وللمسيحية ولمجد المسيح كبيرة جدا جدا جدا أوسع من أن يتحدث فيها إنسان ، آثارها الروحية البعيدة ، وهناك تفاصيل كثيرة جدا لا مجال للكلام فيها ، لكن بلا شك هذا الرجل خدم المسيح ، خدم الإنجيل ، خدم الكرازة ، خدم تعليم المسيح بل زين تعاليم المسيح ، أظهر تعليم المسيح والمسيحية أظهرها مزينة ، أظهر جمالها ، أظهر تعاليم المسيح جميلة ، جذابة لوحدها بدون كرازة لكن بالسيرة العملية وبالأبوة .
نفعنا الله به إلى أبد الآبدين ونفع الكنيسة ونفع مصر كلها ونفع العالم كله ، لأن هذا الرجل ليس للأقباط وحدهم ، هو للعالم كله ، للعالم الحاضر والعالم الآتى ، لإلهنا الإكرام والمجد إلى الأبد آمين .