الخطيئة والتوبة ومفهوم الموت والقيامة

الموقع الرسمى للمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى
Anba Gregorios, Bishop of Scientific Research Website

The Parable Of The Lost Son

الخطيئة والتوبة ومفهوم الموت والقيامة

بسم الله القوى الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين.

يُعرف هذا الأحد الثالث من الصوم الكبير بأنه أحد الابن الضال وهو الفصل الأول من فصول التوبة التى تُتلى فى هذا الصوم.

 الخطيئة وأثرها فى حياة الإنسان:

الخطيئة تحجب وجه الله عن الإنسان وعن الأمة كلها، هى حاجز فاصل ” لأنه أية خِلطة للبر والإثم وأية شركة للنور مع الظلمة، وأى اتفاق للمسيح مع بليعـــال ” (2. كو6: 14) أى خِلطة، أى علاقة، فكيف يمكن أن تكون هناك عبادة مقبولة أمام الله ويكون القلب متعلق بالخطيئة.

إن مَن يريد أن يعبد الله وأن تكون عبادته مقبولة، ينبغى أن يطرح الخطيئة من قلبه أولا. وهذه هى التوبة. ندم وإنسحاق وتبكيت للضمير وللنفس، على أنها تركت مجد الآب ونزلت لترعى الخنازير ولتأكل من طعام الخنازير، نعم هو طعام الخنازير. تركت الروح طعامها السماوى وطعامها الروحانى الذى يتناسب مع طبيعتها، ونزلت إلى مستنقع الخطيئة لتشرب الإثم كالماء، وتأكل من عفن الدنس والنجاسة، كيف يمكن أن تبقى النفس على هذه الصورة وهى سائرة فى طريق الحياة، وأمامها سفر فى رحلة طويلة أو قصيرة تنتهى بها إلى العالم الآخر، المكان الذى منه نزلت روح الإنسان والذى لابد أن تعود إليه، فبماذا تعود وكيف تعود؟ هل تعود طاهرة نقية على الصورة التى خلقها الله عليها، أم تعود كريهة رائحتها منتنة، عفنة، آثمة، وهل يمكن لمثل هذه النفس إذا صامت عن الطعام أن يكون صومها عبادة؟ إن الصوم عن الطعام والقلب متعلق بالخطيئة تعذيب للجسد ولا جدوى منه ولا قيمة.

إنما الصوم المقبول أمام الله هو الذى يصدر عن قلب تائب، فى الصوم فرصة للندم ولمراجعة النفس ولتبكيت الضمير، ولمحاسبة الإنسان لنفسه بالقسوة، لا نداهـن النفس ولا ننتحل لها العذر، إذا كنت فى تربيتك لنفسك تنتحل لنفسك العذر ، وتقــول أنا مضطر وأنا مرغم، والظروف هى التى تحكمت فىّ، هل بهذا يمكن أن تصلح ذاتك؟، لا يمكن أن تصلح ذاتك إلاّ إذا لومتها حقا، إلاّ إذا حكمت عليها وكنت قاسياً فى حكمك على نفسك، كن رحيماً على الآخرين لأنك لا تعرف ظروفهم، وأما على نفسك فكن قاسياً، ومهما تكن قاسياً فلن تكون قاسياً على الحقيقة، لأنك عادة تداهن نفسك، وعادة تنتحل العذر لها، وعادة تحاول أن تبرر ذاتك، فحتى إذا قلنا كن قاسيا على نفسك، فهناك الضمان بأن هذه القسوة لم تكن القسوة الحقيقية،لأنك دائما تسعى لتظهر باراً أمام نفسك وأمام الأغيار، لكن إذا كنت تريد حقا أن تكون فترة الصوم نافعة لك فلا بد أن تكون هناك مع الصوم توبة، ولا تقل أننى سبق لى أن تبت قديماً، لأنى كنت خاطئاً وكنت فاسداً ورجعت إلى الله. هل تظن وهل تعتقد أن هذه التوبة عن خطاياك قديما، هى التوبة الشاملة التى تاب نظيرها الابن الضال، هل ترى أنك الآن حالياً قد تركت الخطيئة قلبياً من الأعماق؟ أم يعاودك الشوق إليها، ألم يعاودك الحنين إليها، هل تعاودك الرغبة فيها، هل تعطف عليها وتحنو عليها كإبنة كان لك بها سابقاً علاقة، ماهو موقفك الآن؟

هل حقا تركتها من كل قلبك؟ هل حقا أبغضتها وقلت ما قاله الرسول: ” الخطيئة خاطئة جداً ” (رو7: 13) هل كرهتها كما يقول الكتاب: ” كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير ” (رو12: 9) هذه الكراهية، هذه العاطفة التى داخلك يمكنك أن تفحصها وتعرفها لأن ضمير الإنسان يرشده أكثر من سبع رقباء يرقبونه من موضع عالى.

ليس أحد يعرف ما بداخل نفسك إلا أنت، الإنسان وحده يعرف نفسه الساكنة فيه، ولا يعرفك أحد غير نفسك، فهل أنت حقا تشعر أنك أبغضت الخطيئة من قلبك، وأنك كرهتها كقطعة لحم عفنة ومنتنة، إن لم يكن شعورك هكذا نحو الخطيئة فاعلم أنه مازال فى قلبك ميل إليها، وعطف عليها، وشوق إليها مختبىء فى قلبك.

 الحرية الخاطئة :

كثيراً ما يسعى الإنسان إلى الحرية والتحلل من القيود الموجودة فى بيت الأب، يريد أن يطلق نفسه على سجيتها، يريد أن ينعم بما يفهمه عن الحرية، هذه الحرية التى ننشدها جميعا والتى يطلبها شبابنا اليوم، والتى تتغنى بها وسائل الإعلام المختلفة. هذه الحرية التى أصبحت عبارة ينطق بها كل فم حتى الأطفال الصغار، الذين تربوا اليوم على أن يتحللوا من كل قيد، وغير مستعدين حتى لنصيحة الوالدين، ولا لأى نوع من السلطة، لأنهم يريدون أن يتحرروا، مع أن المسيح له المجد يقول: ” كل من يعمل الخطيئة هو عبد للخطيئة… فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً ” (يو8: 34 – 36) الحرية ليس معناها الإنسياق والتحلل من الرباطات ومن القيم الروحية، لا.. ليست هذه حرية إنما هى إنسياب، وإنها ضياع، إنها تبدد وتشتت، إنها فقدان، فقدان الإنسان لنفسه، وهذا هو التعبير الجميل الذى عبر به المسيح له المجد: أن ابنى هذا كان ميتا فعاد إلى الحياة، وكان ضالاً فوجدناه، أى كان مفقوداً فوجدناه، نعم.. مفقود من بيت الأب ..

الإنسان منا وهو فى حالة الخطيئة، حتى لو كان أمام نفسه وأمام الآخرين موجوداً، إنما هو مفقود لأنه خرج من كنف الآب.

وحينما يعود ويرجع الإنسان إلى نفسه بالتوبة، يعود إليه عقله، ويعود إليه إدراكه، ويعود إليه فهمه للحياة، وتعود إليه القيم التى داسها بقدميه، ويرجع إلى بيت الأب يجد الأب بحنانه ينتظر ويتمنى رجوعه إليه، لكنه لا يريد أن يقهره، فلا بد أن يعود بحريته لأن الإنسان خُلق حراً، والله مع قدرته على أن يستخدم كل أنواع السلطة، لكنه لا يستخدمها فى هذا الأمر. الله لا يقهرك أبداً على التوبة. الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون.

فى مثل هذه الأمور المختصة بالتوبة، الله يطيل أناته علينا، يعطينا فرصة، يرسل لنا أحد الوسائل، وفى بعض الأحيان قد يبعث لنا بالتجارب، أو يجعل الإنسان يرى نتيجة عمله وخطاياه، كما حدث للابن الضال فابتدأ يقارن بين ما كان عليه فى بيت الأب وبين ما صار إليه، وأخذ يبحث عن أصدقائه من الرجال والنساء الذين أنفق عليهم كل معيشته فلم يجدهم، تركوه جميعا لأنهم أصحاب منفعة.

فالأب تركه وأعطاه فرصة لعله يندم، وفعلا كانت هذه الفرصة نافعة.

فالله يساعدك على التوبة، لكنك أنت الأساس فى التوبة، هل أنت تستطيع الآن بدون القداسة أن تقابل الله، والكتاب المقدس يقول: ” والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب ” (عب12: 14) فتش فى قلبك عن الخطيئة التى خرجت، خوفا من أن تكون عادت إليك بخطوات خفيفة فلم يستيقظ لها الضمير، دخلت دخولاً خفيفا كالمياه إلى أن تجمعت فجعلت قلبك ثقيل، وكم من رذيلة دخلت إلى قلوب الذين يزعمون أنهم سائرون فى طريق السماء، تدخل مختفية لابسة ثوب غير ثوبها حتى لا توقظ الضمير.

التوبة توبتان، الشاملة واليومية:

فصل الابن الضال أحيانا يسمونه بالابن الشاطر. هذا فصل من فصول التوبة المقدسة، تخيرته الكنيسة ليتلى فى هذا الصوم، لأنها تريد أن تنبه عقول وقلوب أبنائها أنها فرصة للتوبة، وكما يقول الرسول بولس فى فصل بولس هذا اليوم ” هوذا الآن وقت مقبول هوذا الآن يوم خلاص “(2. كو6: 2) والمسيحى فى حياته تلزمه التوبة الشاملة إن كان خاطئاً ضالاً بعيدا عن حياة التقوى وطريق السماء، توبة عن حياته كلها، وإذا كان مسيحياً سائراً فى طريق السماء تلزمه أيضا التوبة اليومية، فالتوبة توبتان، توبة شاملة عن الحياة كلها، وتوبة يومية للسائرين فى طريق السماء، عن كل خطأ يمكن أن يصدر عن الإنسان، بإرادة أو بغير إرادة، بمعرفة أو بغير معرفة، وهذا المثل قدمه السيد إلى اليهود فى زمانه، وكان من بينهم الكتبة والفريسيون، الذين كانوا يعتبون على السيد المسيح أنه يأكل مع العشارين والخطاة، فأراد السيد المسيح أن يبين لهم أن باب التوبة مفتوح لكل إنسان، لأن يوم الدينونة لم يأت بعد، وأن مجىء المسيح إلى الأرض هذا المجىء هو ذاته برهان الرحمة الإلهية، أن الله جاء ليفتش عن الخروف الضال.

مَن هو الخروف الضال؟ :

بالمفهوم العام يمكن أن يقال عن الإنسان كله إبتداءً من أبينا آدم الذى أخطأ الخطيئة المعروفة، وأخطأنا نحن فيه فصار جنس آدم كله خاطئاً وضالاً وجاهلاً وتائهاً ومارداً، هذا الجنس البشرى كله يعتبر أيضا هو الابن الضال. جاء الراعى من السماء وترك التسعة والتسعين من طغمات الملائكة ونزل ليفتش عن الخروف الضال وعن الابن الضال، جاء ليفتش عن الإنسان، أى أن كل إنسان منا ينطبق عليه أنه هو الابن الضال، ويمكن أيضا أن ينطبق مفهوم الابن الضال بمعناه الضيق، على الأمم بالنسبة إلى اليهود، فاليهود فى هذا المثل يمثلون الإبن الأكبر الذى لا زال فى بيت أبيه، ولازال يتمتع بخيرات أبيه، أما الإبن الذى أخذ القسم الذى يخصه من الميراث، وذهب إلى أرض بعيدة وأتلف ماله فى عيشة مسرفة، مع الزوانى والزانيات فهؤلاء هم الأمم الذين شردوا وضلوا وتاهوا بعيدا، والمسيح حينما جاء إنما ” جاء لكى يطلب ويخلص ما قد هلك ” (لو 9: 10) وقال: ” لى خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغى أن آتى بتلك أيضا فتسمع صوتى وتكون رعية واحدة وراع واحد ” (يو10: 16) فهذا هو الراعى الذى جاء من السماء ليفتش عن الخروف الضال، وكان الخروف الضال بهذا المعنى الضيق هم هؤلاء الأمم الشاردين التائهين الضالين، الذين لا أنبياء لهم ولا شريعة، جاء المسيح من أجلهم وجاء ليضمهم إليه وليدخلهم إلى حظيرة الإيمان وليقبلهم إليه.

لقد قالوا فى شخص الابن الضال ” لست مستحقا أن أُدعى لك ابنا فاجعلنى كأحد أجرائك ” ( لو15: 19) لكن الآب الرحيم لم يحتمل أن يسمع من ابنه هذه الكلمة المؤثرة الجارحة لقلبه الأبوى، لأنه يدرك أيضا أن هؤلاء الأمم وهذه الشعوب العظيمة هى أيضا بشر، قد خلقهم الله على صورته وعلى مثاله، فهم أولاده وهم خليقته وجبلته الذين صنعهم بيديه، وأحشاؤه من نحوهم ملتهبة حتى لو كانوا ضالين، المسيح ” إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله ” (يو1: 11) وفتح الباب للأمم – الذين نحن المصريين منهم – شعوب العالم فى ذلك الوقت إلى حظيرة الإيمان، وأصبحت الكنيسة جامعة الإيمان، جامعة رسولية ” ليس يهودى ولا يونانى، ليس عبد ولا حر، ليس ذكر وإنثى لأنكم جميعا واحد فى المسيح يسوع ” (غلا3: 28)، خرجت الكنيسة من مفهومها القديم ذلك المفهوم العنصرى الضيق المحدود، كما يفهمه إلى اليوم اليهود، خرجت بالمسيح إلى هذا المفهوم العام الكبير الواسع إلى جامعة الإيمان، التى تضم اليهود والأمم، والتى تجمع الابن الضال مع الابن الأكبر.

ثمار التوبة:

لو نظرنا إلى البولس فى هذا الصباح، وهو من كورنثوس الثانية الأصحاح السادس، تقدمه لنا الكنيسة على اعتبار أننا مسيحيين تائبين نسير فى طريق السماء، نقوم كل يوم بعمل مراجعة يومية، لذلك يظهر لنا الرسول ثمار هذه التوبة وهذه المراجعة فيقول: ” فى وقت مقبول سمعتك وفى يوم خلاصٍ أعنتك، هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص، ولسنا نجعل عثرة فى شىء لئلا تلام الخدمـــة ” (2. كو6: 2، 3)، هل أنت تحاسب نفسك، يجب أن تراعى الكلمة قبل أن تخرج من فمك.

لا يليق يا إخوتى أن يخرج من الفم الواحد كلام للبركة وكلام للعنة، هنا الكتاب أيضا يقول: ” لسنا نجعل عثرة فى شىء لئلا تلام الخدمة، بل فى كل شىء نُظهر أنفسنا كخدام لله ” (2. كو6: 3، 4) كلمة نُظهِر أنفسنا ليس معناها الصورة الخارجية، إنما من الداخل، بحيث يكون قلبك نقى فتكون تصرفاتك مرضية لله أيضا، كلامك لابد أن يكون مملح، وموزون، ضع لكلامك ميزاناً ومعياراً، ولفمك باباً ومزلاجاً، ” أما الضابط شفتيه فعاقل ” (أمثال10: 19).

يقول فى كل شىء نُظهر أنفسنا كخدام الله ” فى صبر ” انظروا الفضائل التى من المفروض أن تكون موجودة فى الذين تابوا توبة يومية، ” فى صبر كثير ” تسأل نفسك هل فى الموقف الفلانى صبرت كما ينبغى؟ أو تسرعت واندفعت، ” فى شدائد، فى ضرورات، فى ضيقات ” هل تحملت كل هذا من أجل مبادىء المسيح، ” فى ضربات، فى سجون، فى اضطرابات، فى أتعاب، فى أسهار، فى أصوام “، وهنا يظهر أن الصوم فضيلة والصوم عبادة. تتحمل ألم الصوم، وألم الإمتناع عن الطعام من أجل الله. ” فى طهارة” وهذه أهم ما فى القداسة، جوهر القداسة هو الطهارة، والطهارة هى طهارة للروح، وطهارة للفكر، وطهارة للجسم، وطهارة لليد، طهارة فى كل شىء ” فى علم ” أيضا النفس التى بلا معرفة هذا ليس حسناً ” فى أناة ” تعنى طول البال وهذا يحتاج إلى أن تدرب نفسك كل يوم على أن تحتمل الآخرين، وعلى أن تصبر على المواقف وعلى الشدائد وعلى الضرورات، وأن تكون طويل الأناة ولا تتسرع ولا تندفع ” فى لطف ” هل أنت لطيف؟ واللطف ضد العنف. ” فى الروح القدس، فى محبة بلا رياء، فى كلام الحق ” أن تحب الحق وعندما تتكلم تتكلم بالحق، لا تغالط ولا تشهد بالزور، ” فى قوة الله، فى سلاح البر لليمين ولليسار ” لأنك وأنت تسير فى الطريق قد تجد حروب، وقد لا تراها فقد تكون من قوات غير منظورة، لأن ” مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل … مع أجناد الشر الروحية فى السماويات ” ( أفسس 6: 12). فأنت محتاج أن تكون مسلح، والكتاب يقول: ” بسلاح البر لليمين ولليسار” (2. كو6: 7)، أى لا تتطرف إلى اليمين، ولا تتطرف إلى اليسار، لا تنحاز يمينا أو تنحاز شمالاً، لاحظ نفسك، ” بمجد وهوان، بصيت ردىء وصيت حسن، كمضلين ونحن صادقون، كمجهولين ونحن معروفون، كمائتين وها نحن نحيا ” هذا ما نسميه الإماته الإرادية، أنت حى بمعنى أنك تعيش، لكن أنت كميت بمعنى أنه عندما يشتمك أحداً لا ترد الشتيمة بشتيمة أو الإهانة بإهانة كما يقول الكتاب فتكون أنت فى عُرف بعض الناس ميت، لأنك لا تسمع الإهانة، هذه هى الإماته، إماته بالإرادة من أجل المسيح، ” باركوا لاعينكم “. كيف تستطيع أن تصل إلى هذه الدرجة إلاّ بعد أن تصل إلى فعل الإماته بالإرادة. كما نقول فى صلاة الساعة التاسعة ” أمت حواسنا الجسمانية “.

والصوم هو وسيلة تقوية الإرادة لفعل الإماته، ” كمؤدبين ونحن غير مقتولين ” أى أنه عندما تأتى لنا الشدائد والتجارب نعتبرها للتأديب، ” كحزانى ونحن فرحون ” فنحن نبدو كحزانى ونحن فرحون بالقلب من الداخل، القلب مملوء بالسلام، سلام الله الذى يفوق كل عقل ” كفقراء ونحن نغنى كثيرين ” نبدو أننا فقراء ولكن أغنياء بنعمة ربنا يسوع المسيح ” كأن لا شىء لنا ونحن نملك كل شىء ” هذا التعبير فى منتهى العظمة والقوة والجلال. لأنه إذا كان الله أعطانا إبنه ألا يعطينا معه كل شىء، فإذا كان لنا المسيح فإننا نأخذ غنى المسيح الذى لا يُستَقصى. قد نبدو أنه لا شىء لنا أمام السطحيين ولكننا نملك كل شىء.

مفهوم الموت:

أيها الأخوة والأبناء فى هذا المثل تبرز أمامنا حقيقة من الحقائق الإيمانية العامة والهامة، يبرز تعبير عن الابن الضال أنه بعد أن رجع إلى بيت أبيه، أنه كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد، وتكرر هذا التعبير على فم سيدنا فى هذا المثل مرتين عن الابن الضال، أما أنه كان ضالاً فوجد، فهذا مفهوم بسيط لا يحتاج إلى كثير من الإمعان لنعرف إنطباقه على حالة الابن الشارد الضال وعلى الخاطىء بصفة عامة، أما أن يقول الكتاب أنه كان ميتاً فعاش، فما معنى الموت هنا؟ والابن الضال لم يمت بالمعنى المادى الطبيعى الفيزيقى لكلمة الموت، لم يمت وإنما عاش فى بلد بعيد. عاش فى كورة بعيدة ورجع إلى أبيه، لكنه كان يتمتع بالحياة فى مفهومها المادى، حقا أنه فى ضلاله اضطر أن يأكل من الخرنوب الذى كانت تقتات منه الخنازير لكنه كان حياً، كان يأكل وكان يشرب، ولما رجع إلى بيت أبيه رجع على قدميه ولم يرجع محمولا كما يرجع الموتى، إذن قد كان حياً، كان حياً بالمفهوم المادى الشكلى الظاهرى العيانى، بالمفهوم الحسى المادى، لكنه فى مفهوم الله وفى مفهوم الإنجيل وفى مفهوم الشريعة، وفى مفهوم السماء كان ميتاً، وحينما رجع عاش الميت وقام الميت من بين الأموات.

الموت الأول هو الموت المادى:

إذن هناك موت آخر غير الموت بمفهومه المادى، وهناك حياة غير تلك الحياة بمفهومها المادى الحسى. الموت المادى فى مفهومنا المسيحى هو ما يسميه الكتاب بالموت الأول، الموت الأول حينما تخرج الروح من الجسد هذا موت، نقول فلان قد مات، ويأتى الناس يشيعون جثمانه إلى المقر الأخير، والمسيح أقام موتى من هذا الطراز أقام إبنة يايروس من الموت، وأقام ابن الأرملة من الموت، أقام لعازر من بين الأموات بعد أربعة أيام، أقام كثيرين من الموت، وقال الكتاب: ” العرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون ” (مت11: 5)، فقد أقام الموتى.

الموت الثانى هو موت الخطيئة:

لكن هناك موت آخر، هذا الموت الآخر هو موت الحياة الحقيقية، هو الموت عن العلاقة الأبدية، هو الموت الذى يسحق الإنسان تحت الخطية، الخطيئة قاتلة وجرحت كثيرين وكل قتلاها أقوياء، فالخطيئة قاتلة والخاطىء إنسان مقتول وميت، وبهذا المعنى يصير الإنسان ميتاً بالموت الثانى، بالموت الروحانى الذى يقود إلى الموت الأبدى، الموت الأبدى هو الإنفصال التام عن الحياة الأبدية، وهذا الإنفصال يؤدى إلى جهنم النار البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، وهذا هو الذى يقوله سفر الرؤيا بحسب تعبيره ” مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى هؤلاء ليس للموت الثانى سلطان عليهم ” (رؤ20: 6)، فما هو الموت الثانى؟ هو موت الخطيئة والموت فى جهنم البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، يقول الكتاب: ” وطرح الموت والهاوية فى بحيرة النار هذا هو الموت الثانى ” (رؤ20: 14). إذن الموت الثانى هو موت الخطيئة الذى يقود إلى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، وإذا كان هذا هو الموت الثانى فما معنى القيامة ؟

القيامة الأولى والقيامة الثانية:

نحن كما نعرف هناك نوعين من الموت، الموت المادى الطبيعى بمعنى خروج الإنسان من الجسد وهذا هو الموت الأول، والموت الثانى هو موت الخطيئة الذى يقود إلى جهنم إلى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت هذا هو الموت الثانى، وكما أن لنا موتين فلنا أيضا قيامتان، إن ابنى هذا كان ميتا فعاش هذه هى القيامة الأولى، ونقول أنها القيامة الأولى بالنسبة إلى القيامة الثانية وهى قيامة الأجساد فى اليوم الأخير، ولأن القيامة الأولى المفروض أن تبدأ فى الزمان قبل القيامة الثانية، لذلك سميت التوبة بالقيامة الأولى، وسميت القيامة الأخيرة قيامة الأجساد بالقيامة الثانية. أليس هذا هو المفهوم الذى ألح عليه كثيراً مخلصنا، حينما جاءه ذلك الرجل الذى قال ياسيدى أريد أن أتبعك ولكن ائذن لى أولا أن أمضى وأدفن أبى، قال له ” اتبعنى ودع الموتى يدفنون موتاهم ” (مت8: 22). كيف أن الموتى يدفنوا موتاهم؟ هل الموتى الذين فى القبور يقوموا ليدفنوا آخرين؟ لا.. دع الموتى بالروح يدفنون موتاهم بالجسد، هناك موتان: دع الموتى بالروح، دع الخطاة فالخطاة فى حالة موت وهو الموت الأول الذى يقود إلى الموت الثانى بالمفهوم النهائى، دع الموتى بالروح يدفنون الموتى بالجسد، والذين قاموا من بين الأموات روحياً هؤلاء قد قاموا القيامة الأولى التى يقول عنها الكتاب: ” مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى ” (رؤ20: 6) أما القيامة الثانية فهى من نصيب الكل، فلا داعى لأن تكون هناك طوبى للذين يقومون القيامة الثانية، إلا إذا كانوا أبراراً. فالرسول بولس فى دفاعه أمام فيلكس الوالى يقول: ” أنه سوف تكون قيامة للأموات الأبرار والأثمة ” (أع24: 15) فقيامة الأموات إذن القيامة الثانية، وهى القيامة الأخيرة للكل، للأبرار وللأثمة، لذلك لم يقل الكتاب طوبى للذين لهم نصيب فى القيامة الثانية، وإنما قال طوبى لمن له نصيب فى القيامة الأولى، فالقيامة الأولى هى القيامة من الخطيئة. اسمعوا ماذا يقول المسيح ” الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامى ويؤمن بالذى أرسلنى فله حياة أبدية ولا يأتى إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة ” (يو5: 24). ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن من يسمع كلام الله ويؤمن ويعمل به صارت له الحياة الأبدية، وانتقل بتوبته من الموت إلى الحياة، ولذلك ليست له دينونة لا بمعنى أنه ليس له حساب، حاشا.. ولكن ليس له دينونة بمعنى رُفع عنه العقاب، لأن توبته قد قبلت فصارت ليست له دينونة أى ليس له عقاب، قد انتقل من الموت إلى الحياة الأبدية، ثم يقول مخلصنا فى نفس الأصحاح وفى نفس المناسبة، ” الحق أقول لكم أنه تأتى ساعة وهى الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون ” وما دامت هذه الساعة الآن، إذن هو يقصد القيامة الأولى وليست الثانية، القيامة الآن من الخطيئة، السامعون الذين أعطوا آذانهم لصوت ابن الله وأطاعوا يحيون، وأما فى القيامة الثانية فقال المسيح له المجد فى نفس الأصــحاح، ” الحق أقول لكم أنه تأتى ساعة ـ ولم يقل الآن ـ حينما يسمع الذين فى القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة ” فهذه القيامة الثانية هى من نصيب الجميع أبراراً وأشراراً، كل هؤلاء سيسمعون البوق الأخير حينما يبوق به رئيس الملاك ميخائيل، فالأموات بالجسد يقومون أبراراً وأشراراً، الأبرار يقومون للحياة الأبدية والأشرار إلى العذاب الأبدى، هذه هى القيامة الثانية التى من نصيب الكل، أما القيامة الأولى فمن نصيب الذين يسمعون كلام الله ويعملون به. وبهذا السماع وبهذه الطاعة يحيون وينالون الحياة الأبدية، ولا تكون لهم دينونة بل ينتقلون من الموت إلى الحياة، وهذا هو المعنى الذى قاله المسيح له المجد لمرثا ” من آمن بى ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت إلى الأبد” (يو11: 25، 26)، كل من آمن بى ولو مات بالجسد فسيحيا، أو لو مات بالخطيئة أيضا لكنه آمن فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بى فلن يموت إلى الأبد، من هنا أيها الأخوة والأبناء تتضح لنا من هذه المقارنات من أقوال رب المجد ومن أقوال رسله القديسين، أن هناك نوعين من الموت وأن هناك نوعين من القيامة، وقصة الابن الضال قصة تكشف لنا عن الموت بمعناه الروحى، ابنى هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد، وتكشف لنا عن حقيقة القيامة الأولى التى يمكن للإنسان أن ينالها فإذا نالها كانت له الطوبى، طوبى، يا لغبطة وسعادة من له نصيب فى القيامة الأولــى، يا لغبطة وسعادة الذين يتوبون ويرجعون عن ضلالهم وعن طريقهم القديم، ويعرفون طريق الله ويقرون بخطاياهم معترفين، وينسحقون أمام الله كما انسحق الابن الضال، ويركعون متذللين أمام الله، قائلين أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقا أن أدعى لك إبنا بل اجعلنى كأحد أُجرائك. هذا هو الطريق الذى ترسمه لنا الكنيسة، باختيارها لهذا الفصل المقدس فى هذا الصباح، وفى فرصة الصوم الكبير العظيم، الذى فيه يجب أن ننتهز الفرصة لنتوب، وإذا لم نكن قد تبنا نتوب التوبة الكاملة إذا كانت حياتنا لا تزال حياة دنسة وحياة شريرة، وحياة متمردة، وحياة فاسدة لا تليق بالاسم المقدس الذى حملناه علينا، وإذا كنا فى طريق التوبة سائرين وكأبناء الكنيسة عائشين فى طريق الله، لكننا فى أشياء كثيرة نعثر جميعا، هذه العثرات وهذه السقطات الجزئية، يجب أيضا أن نتوب عنها، والصوم مرتب فى الكنيسة ليكون فرصة لمراجعة النفس، وفرصة لمحاكمة النفس ومراقبتها، وفرصة لفحص النفس فيما أخطأت ولماذا أخطأت وفيما عوجت طريقى، ولماذا هذا الفحص وهذه المراقبة وهذه المباحثة الباطنية وهذه المحاكمة؟ لأنه لو حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا، ليحكم الإنسان منا على نفسه قبل أن يحكم عليه الحكم الأخير، ليحكم الإنسان على نفسه هنا قبل أن يحكم القاضى فى اليوم الأخير، حكما لا مرد له يتوقف عليه المصير إلى أبد الآبدين، تتوقف عليه الحياة الأبدية أو الموت الأبدى، هذه هى الفرصة المتاحة والفرصة المباحة والفرصة المسموح بها على الأرض، قبل أن يجىء الموت بمعناه المادى ويخرج الإنسان من هذا الجسد، وتضيع أمامه الفرصة التى فيها يمكن أن يبنى حياته الأخرى، وأن يبنى مستقبله الأبدى، لأنه بعد الموت الجسدى وبعد خروجنا من هذا الجسد ليست هناك توبة، وليست هناك فرصة أخرى، فرصتنا هنا فى هذه الحياة، والصوم فرصة تعبدية ليتعبد الأبرار ويتوب الأشرار، والأبرار يحتاجون إلى التوبة اليومية وإلى المراجعة وإلى المحاسبة، ثم إلى العجل المسمن ليأكلوا ويفرحوا، ما هو العجل المسمن؟ ما هو هذا الأكل؟ ما هو هذا الطعام؟ الطعام الذى يقدم وليمة فرح بالابن الذى رجع تائباً. هو هذا السر المقدس، هو هذا الحمل الذى بلا عيب، هذه الذبيحة غير الدموية المذبوحة عن خلاص العالم، ” إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا ” (1. يو2: 1، 2)، شفاعة المسيح الكفارية قائمة فى هذا السر المقدس، لأننا به ننال مغفرة خطايانا وننال الحياة الأبدية، وكما يحتاج الإنسان إلى الطعام الجسدى ليعوض به عن الإحتراق اليومى، ولكى ينمو أيضا، نحتاج نحن فى حياتنا الروحية إلى طعام سماوى يعوضنا عن الإحتراق الروحى، لأنه بمشاكل الحياة وباضطراباتها وبالسجس، وبالاحتكاكات اليومية بالآخرين تحترق القوة الروحية التى نأخذها، فنحتاج إلى تجديدها وإلى التعويض عما احترق، من أجل هذا كان سر التناول، نأخذ منه باضطراد، نأخذ المعمودية مرة واحدة والميرون مرة واحدة، لكن التناول نتناول باستمرار وبتواتر لماذا؟ لأنه كما نحتاج كل يوم إلى أن نأكل ثلاثة وجبات، نحتاج إلى هذا السر المقدس، ” أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء،إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد، والخبز الذى أنا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم.. الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم، من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه فى اليوم الأخير، لأن جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق… فمن يأكلنى فهو يحيا بى.. ليس كما أكل أباؤكم المن وماتوا، من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبـد ” ( يوحنا 6: 51- 59).

أيها الأخوة والأبناء هذه هى الفرصة المباركة التى أتاحها الله لنا، لكى نبقى عائشين إلى اليوم، غيرنا سبقنا إلى العالم الآخر ودخلوا إلى المصير، ونحن نشكر الله لأننا عشنا حتى هذه الساعة، ونشكر الله لأن الصوم قد جاء، وهذه الفترة فترة التعبد وفترة التوبة وفترة المراجعة والمحاسبة، هذه الفترة لنا فيها أن نأكل من ” الطعام الباقى للحياة الأبدية، الذى يعطيكم ابن الإنسان لأن هذا الله الآب قد ختمه ” (يو6: 27)، هذا هو الخبز الآتى خبزنا الذى للغد، الذى نطلبه فى الصلاة الربانية، خبزنا الآتى، خبزنا الذى هو للدهر الآتى، خبزنا الذى هو زادنا الذى نحيا عليه فى الدهر الآتى، أعطنا منه اليوم للحياة به فى حياتنا المؤقتة الحاضرة، ليكون زادنا إلى الحياة الأبدية، هذا هو الخبز السماوى، هذا هو المن المخفى، ” من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفى” (رؤ2: 17)، لماذا هو مخفى؟ لأنه مستور تحت أعراض الخبز والخمر، فهو مَنٌ مخفى، هذا هو الكهنوت الذى على رتبة ملكى صادق” حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرا على رتبة ملكى صادق رئيس كهنة إلى الأبد ” (عب6: 20)، ” وملكى صادق ملك شاليم أخرج خبزاً وخمراً وكان كاهناً لله العلى” (تك14: 18)، هذا هو الكهنوت القائم على الخبز الحى، لا الخبز الميت، ولا الخبز البائد بل الخبز الباقى إلى حياة أبدية.

أيها الأخوة والأبناء فلنقف فى القداس الإلهى وقفة ورع وتقوى، وقفة أبناء فى حضرة أبيهم، وقفة خطاة يشعرون أنهم خطاة ويطلبون رحمة الله عليهم، وقفة أُناس يقرعون صدورهم كما قرع الخاطىء والعشار صدره، وقال ارحمنى اللهم أنا الخاطىء، لنخرج من الكنيسة مبررين، ولنخرج من الكنيسة مطهرين، ولنخرج من الكنيسة وقد رجعنا وقد غفر لنا وقد قبلنا بين الراجعين، وبين أبناء الله المخلصين، والأتقياء الذين يكون لهم نصيب فى الحياة الأبدية، ارجو أن لا تكونوا فى الكنيسة متفرجين، ارجو أن تكونوا مستعدين لأن تتقدموا للوليمة السمائية، لا تحضروا الكنيسة مستمعين كما لو كان القداس اسطوانة، القداس وليمة وأنت مدعو للوليمة لتأكل من الوليمة إلاّ إذا كان عليك قانون، المسيح على المذبح والكاروبيم والسيرافيم، فإن كنت قد تبت واعترفت بخطاياك، وسائراً فى طريق التوبة، تقدم اليوم إلى السر المقدس، إلى هذا المن، إلى الحمل الذى بلا عيب الذى يرفع خطيئتك وخطيئتى وخطيئة العالم كله.

ليبارك الرب حياتكم جميعا، وله الكرامة والمجد إلى الأبد آمين.