وإن مات يتكلم بعد ( العبرانيين 11 : 4)
أيها الأبناء فى فصل البولس الذى تلى علينا فى هذا اليوم ، من الأصحاح الحادى عشر من رسالة القديس بولس إلى العبرانيين. يذكر بعض أبطال الإيمان ، ومما يقوله عن هذا أنه هو وإن مات يتكلم بعد وإن مات يتكلم بعد .
إذا كانوا يقولون عن الموت أنه به يختفى الإنسان من هذه الحياة الظاهرة ، لكننا نؤمن أن الإنسان يولد بالموت إلى حياة أخرى أفضل وأجمل . تماما ، المرأة عندما تتمخض بالألم ، وهذا الألم معناه أن الجنين يخرج من بطنها لكنه يولد ، وفى ميلاده يخرج من رحم الأم إلى الحياة الحاضرة . هى نفس الصورة ، هى نفس العملية ، فيما نسميه بالموت ، نخرج بالموت من هذه الحياة لنولد فى حياة أخرى .
فنحن إذن لا نؤمن بالموت بمعنى الفناء ، حاشا .. حاشا .. حاشا، إنما الموت هو علامة على أول مرحلة من مراحل الحياة التى لا تنتهى، وجدنا للحياة ولم نخلق للموت .
وهذا هو الوعد الذى وعدنا هو به الحياة الأبدية ، نحن موعودون بحياة أبدية أى لا تنتهى . وإن قال الكتاب المقدس عن المسيح أنه مات، لكن هذا الموت من أجلنا نحن لكى يحمل فى جسده الحكم الذى استحققناه نحن .
ومع ذلك فى قانون الإيمان لا نذكر عن المسيح أنه مات ، أنه تألم وقام من بين الأموات ، وهذا معناه أن المسيح كإله لا يموت ، وقياسا على ذلك نحن أيضا ، هذه الجوهرة الثمينة الروح التى خلقها الله على صورته ومثاله لا نؤمن بها أبدا أنها تموت بمعنى الفناء ، لا .. أنها تولد لحياة أخرى ، حياتنا إذن متصلة .
هذا البابا كيرلس لم يمت ، لم يمت .. أنه حى بل أكثر حياة مما كان على الأرض ، لأنه تخلص من ثقل الجسد وتحرر من العجز ومن الشيخوخة ومن المرض ، ومن ضيق الوقت ، وأصبح الآن كالحمام وكالطيور، حياة متصلة لا نوم ولا غفلة ولا مرض ولا عجز ولا ثقل ولا مشكلة مواصلات . نشاط دائم لا يتوانى فى العبادة المتواصلة التى لا يتوقف عنها ، لأن حياته كانت كما يعبر عنها الكتاب حينما قال ” أما أنا فصلاة ” حياة الرجل كانت صلاة متواصلة بغير توقف ، وهكذا أيضا بعد هذا الموت يتواصل فى عبادة مستمرة ، لكن هناك أيضا أنشطة مختلفة ، نشاطات متنوعة يقوم بها بغير توقف ، وقته يملكه ولا يعوقه شىء عن العمل وعن النشاط وعن الخدمة . بالنسبة لنا هنا وأيضا بالنسبة للأرواح الأخرى فى العالم الآخر ، التى تحتاج إليه بل أيضا البشر فى مناطق مختلفة من العالم .
تحول الرجل إلى قوة وتحول إلى إمكانات أكثر ، وهذا هو الجمال فى كنيستنا والجمال فى إيماننا ، إن الذين سبقونا يزدادون قوة ويزدادون إمكانات وقدرات . ونحن من الحماقة أن لا نستفيد من قدراتهم وإمكاناتهم.
لذلك نرى ونلمس بكل معنى الكلمة ، أن الرجل بعد أن أوفى أيامه على الأرض ، واصل نشاطاته أولا فى العبادة الدائمة والروحانية التى لابد أنها سمت أكثر مما كانت على الأرض وأيضا خدماته ونشاطاته ومعوناته للآخرين من البشر، لأنه كان له هذا القلب الذى يتحرك بالعاطفة نحو كل كائن يرى أنه فى حاجة إليه .
نسمع كل يوم عن قصص كثيرة غريبة بعد حياته على الأرض عن تلك المعونات التى قدمها وهو على الأرض ، ولكن أيضا نسمع كل يوم شيئا جديدا عن معوناته التى يقدمها بعد أن ترك هذه الحياة إلى الحياة الأخرى . فعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر لأنه من غير الممكن أن نحصر معونات البابا كيرلس السادس المتوالية المتعاقبة لأولاده من المسيحيين وغير المسيحيين .
على سبيل المثال أذكر رجلاً بعد حياة البابا كيرلس أصيب بانزلاق غضروفى ، وعلى حسب نصائح الأطباء كان عليه أن يرقد على الفراش لبعض الشهور ولا يتحرك ، ولكن جاء موعد عيد مارمينا أو ذكرى البابا كيرلس ، فأراد أن يذهب إلى دير مارمينا ، فأهل البيت قالوا له مستحيل، مستحيل ، مستحيل ، كيف أنت تركب مواصلات ، مستحيل ، وذهبوا وأحضروا له الأطباء ، الطبيب قال له أنت ستموت فى الطريق ، لابد أن ظهرك يكسر فى الطريق ، حاول أبناؤه أن يثنوه عن رأيه فلم يمكن ، ومع ذلك بإيمانه أصر على أنه يذهب متكلا على الله وعلى صلوات القديسين وأخذ عصا بيده وذهب وركب أتوبيس ، وكان أهل البيت مشغولين جدا جدا عليه ومتوقعين أنه كما قال له الأطباء أن ظهره سينكسر ، فذهب إلى دير مارمينا وحضر القداس فى كنيسة العذراء بالدير، وكان يصلى القداس نيافة الأنبا اسطفانوس مطران عطبرة فى ذلك الوقت . وأثناء القداس عندما الشماس يقول اسجدوا لله بخوف ورعدة ، حاول أن يسجد ، فأمكنه أن يسجد ، أحس بيد دخلت تحت الفانلة وملست عليه ، أحس أنه خف ، فكمل السجود ووقف فوجد أنه قدر على السجود ، وأحس فى جسمه مثل المرأة التى ذكر عنها الكتاب نازفة الدم ، ويقول أحست بنفسها أنها شفيت ، فأحس بالشفاء فى ظهره ، المهم بعد نهاية القداس ذهب وأحضر زيتاً من المزار وجاء لنيافة الأنبا اسطفانوس بعد نهاية القداس وقال له ياسيدنا أرجوك تدهن ظهرى ، فكشف له ظهره ، فرأى أن ظهره كله صلبان ، ظهره كله صلبان ، هذا الرجل حضر لى فى الأنبا رويس وصعد إلى ثالث دور والسلالم الأخرى تُكَّون دوراً آخر ، صعد إلى فوق وقال لى لكى تعرف أنى أنا شفيت حقيقة وشفاءً كاملا . عمل ميطانية نحو الشرق سجود كامل للأرض ، ثم عمل واحدة ثانية نحو الغرب ، ووقف وعمل ميطانية أخرى نحو البحرى ، وبعد ذلك الناحية القبلية ، أربع ميطانيات كاملة ، قال لى لكى تتأكد تماما أنى أنا شفيت تماما شفاء حقيقيا كاملا . ما هى اليد التى دخلت تحت الفانلة أثناء القداس من يدرى ؟ إنما المهم كان هذا بعد وفاة البابا كيرلس ، يمكن وفاة أحسن من كلمة الموت . وفاة بمعنى أوفى مدة وجوده على الأرض .
لاحظوا ياأولادنا أن هناك كثيراً من العمليات المتواصلة بعد حياته على الأرض فى نشاطات مختلفة .
قصص طويلة كثيرة ودائما نرى فى دير مارمينا أشخاصاً جاءوا من استراليا ، والذى حضر من ألمانيا ، والذى جاء من كندا ، أو جاء من الولايات المتحدة الأمريكية ، الذين جاءوا من كل بقعة فى العالم .
يروى واحد أرسل لى خطاباً من السعودية من شبابنا قال لى أنا لم أقدر أن أحضر لظروف العمل ، ولكن نفسى كانت مشتهية أننى أتناول من الأسرار المقدسة ، وجاء البابا كيرلس وناولنى . فى السعودية ، فى السعودية ذهب له وناوله من الأسرار المقدسة ، انظروا الخدمات التى يؤديها ، عملية متواصلة ، متواصلة ، كل يوم نسمع شيئا جديداً . الرجل لا يتوقف عمله أو خدمته على الأقباط الأرثوذكس ، ولكن على غير الأقباط الأرثوذكس ، وليس فى مصر فقط ، فى كل البلاد ،. هنا عندنا من اسكندرية حتى أسوان ، ولكن أيضا فى البلاد الأخرى فى استراليا ، فى انجلترا ، ألمانيا ، النمسا ، بلجيكا، فرنسا ، كل البلاد ، كل البلاد . كل يوم ياأولادنا نسمع حاجات جديدة من أشخاص كثيرين ، خبرات معينة أو واحد يدعو له ويكون لا يوجد عنده أولاد فتأتى له العطية والنسل المبارك ، حاجات عجيبة جدا .
حقيقة أن هذا الرجل البابا كيرلس ظاهرة روحية غير عادية ، فنحن سعداء ، سعداء جدا ، حقا أن هذه الموهبة الممتازة الروحانية الصاعدة التى تزداد كل يوم ، هذه القوة تَنعَّمنا نحن بها ، هذه القوة النادرة تحولت إلى قوة إلى إله صغير تحت الأمر الإلهى الكبير، إلى قدرات غير عادية .
حقيقة هذا نموذج يقوى عقيدتنا فى الحياة الأخرى ، يقوى إيماننا فى الوجود فى العالم الآخر ، ونعرف أن الذين سبقونا لم يتوقف نشاطهم ولا توقفت عاطفتهم ومحبتهم ومعونتهم التى يسدونها إلينا ونحن فى حاجة إليها .
فنحن إذن لا نتوقف عن استدعاء هؤلاء القديسين ، والاستغاثة بصلواتهم ومعوناتهم المختلفة حتى يتحول الشر إلى خير ، ونحن فى الأيام الحاضرة والأيام المقبلة ممكن أن نتعرض لأمور كثيرة تهز إيمان الضعفاء ، نحن محتاجون إلى البابا كيرلس وإلى القديسين الذين سبقونا، إلى صلواتهم ومعونتهم لكى نصمد ولكى لا نتزعزع ، ” الذى عندكم تمسكوا به إلى أن آجئ ” لأنه اقتربت الأيام واقترب المجىء الثانى ، وأيضا الشيطان الآن يعمل بقوة ، فهناك كثير من المتاعب والمضايقات والمنغصات فى هذا العصر ، فى هذه التسعينات تنبهوا ياأولادنا فنحن فى حاجة إلى تنشيط الحياة الروحية، وازدياد الإيمان وإضرام موهبة الله التى فينا ، وأيضا إلى الاستعانة بصلوات هؤلاء الآباء الذين سبقونا، حتى يساعدونا ويدعمونا وأيضا يحاربوا عنا هذه الحروب .
ربنا يسوع المسيح ينفعنا بصلواته وبركاته ويحفظكم جميعا باسمه المبارك لإلهنا الإكرام والمجد إلى الأبد آمين