المسيح يطلب خلاص الإنسان دون إهدار لحريته
بسم الله القوى الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.
بهذا الأحد الرابع من الصوم الكبير ينتصف الصوم الكبير المقدس ومدته ثمانية أسابيع، الأحد المقبل أحد المخلع مريض بركة بيت حسدا، الذى بعده أحد التناصير، وبعده أحد الشعانين وبعد ذلك عيد القيامة.
وترتيب الكنيسة أنه فى هذا الأحد الرابع من الصوم الكبير يتلى إنجيل السامرية، وهو المأخوذ من الأصحاح الرابع من إنجيل معلمنا يوحنا.
ويعد هذا الفصل، الفصل الثانى من فصول التوبة، فالفصل الأول الذى تلوناه الأحد الماضى وهو أحد الابن الضال، وهذا هو الأحد التالى من فصول التوبة، لأن المرأة السامرية تمثل إنساناً خاطئاً. الإبن الضال يمثل الخاطئين من الرجال، والمرأة السامرية تمثل الخاطئات من النساء.
قصد الله خلاص الإنسان:
والذى يلفت النظر أن مخلصنا له المجد ذهب إليها قاصداً، وهذا منهجه وتدبيره وسياسته، لأنها سياسة الأبوة والرعاية الصالحة، لأن هذا الأمر يعنيه، لم يكن ذهابه إلى السامرة ضرورة سفر أو صدفة أو اتفاقاً، إنما لابد أن يكون الذهاب إلى السامرة مقصوداً فى تدبيره، ذهب من اليهودية وهى المقاطعة الجنوبية من بلاد فلسطين وعاصمتها أورشليم، قاصداً الجليل وهى المقاطعة الشمالية وكان لا بد له أن يمر بالسامرة وهى المقاطعة الثانية وهى شمال اليهودية، مثلما نقول مصر الوسطى مثلا. واليهودية مثل مصر العليا أو الصعيد الأعلى، إنما الجليل هى المقاطعة الشمالية وهى كما نقول الدلتا مثلا أو الوجه البحرى، لكن هل ذهابه إلى السامرة مجرد أمراً اقتضته رحلته إلى الشمال؟ لا.. لا نتصــور أن المسيح يتصرف تصرفاً إلا أن يكون هذا التصرف مقصوداً، والدليل على ذلك أيضا أنه عندما مرّ بالسامرة قضى عند أهلها يومين، فلم تكن مجرد ضرورة اقتضاها المرور على السامرة، باعتبارها مقاطعـــة
متوسطة ما بين اليهودية جنوباً والجليـــل شمالاً. إنما لأن له فى السامرة صيداً. وهو الأب الذى نزل خصيصا من السماء ليفتقد الإنسان، فمن تدبيره ومن حنانه ومن فيض أبوته ورحمته أن يمر بالسامرة وأن يدخل السامرة، وأن يتحدث إلى أهلها وأن يُخَلّص منها من هو مستحق، ولكن مع حنانه لا يريد أن يفرض ذاته على الرغم منهم، لذلك جلس على البئر فى بلدة السوخار خارج المدينة، ولا يدخلها إلاّ إذا طلبه أهلها.
الله لا يفرض ذاته:
حقا هو جاء بمحبته، لكن ليست سياسته أن يفرض ذاته، لأنه خلق الناس أحراراً مناط أمرهم بيدهم، فلا يريد أن يفرض ذاته، وبهذه المناسبة نذكر أنه فى مرة أخرى كان يدخل مدينة أخرى للسامريين كما يقول الإنجيل، فرفض أهلها أن يدخل المسيح إليهم، فاغتاظ تلميذاه يعقوب ويوحنا، كيف المسيح يريد أن يدخل وأهل المدينة يرفضونه؟ فقالوا له نريد أن تنزل ناراً من السماء وتحرق هذه المدينة التى ترفض أن سيدنا يدخل إليهم، قال لهما لستما تعلمان من أى روح أنتما، لأننى لم آت لأهلك الناس، إنما أتيت لأخلّص (لو9: 51-56).
ويقول الإنجيل أنه تحول عن هذه المدينة وتركها، فهو لم يشاء أن يدخل المدينة على الرغم من إرادة أهلها، وهذا هو منهجه وهذا يتفق مع سياسته، حينما قال أنا واقف على الباب أقرع، إن فتح أحد أدخل، وإن لم يفتح لا أدخل، انظروا إحترامه لحرية الإنسان، على الرغم من أنه كأب يريد الخلاص لكن لا بالجبر، ولا بالإلزام، ولا بالقهر، لا بد أن يكون ذلك بالاختيار.
أنا واقف على الباب أقرع، وضع نفسه فى وضع كأنه يسأل، وكأنه يطلب شيئا، نعم هو يطلب ، يطلب لا أمراً مادياً، وإنما يطلب خلاص الإنسان، لكن لا يفرض ذاته، ليس بنوع الدفاع عن كرامته كما نفعل نحن كبشر، لأنه أذل هذه الكرامة حينما نزل إلى الأرض وقبل صورة العبد وأخلى ذاته من صورة الرب، وقَبِلَ أن يُهان وأن يُضرب، وأن يُبصق على وجهه وأن يُشتم. هذا كله من منطلق حبه للإنسان، فلا يفرض ذاته ليس دفاعا عن الكرامة كما يفعل البشر إعتزازاً بكرامته، لكن من منطلق حرية الإنسان لأنه خلق الإنسان حراً على صورة الله وعلى مثاله، فلم يقهره، حتى عندما ذهب إلى بركة بيت حسدا، لم يفرض الشفاء على مريض بركة بيت حسدا على الرغم أن حالته ناطقة، قال له: أتريد أن تبرأ؟ لماذا يارب هذا السؤال؟ لماذا؟ ليؤكد أهمية إرادة الإنسان فى قضية الخلاص، وأما علاقته بنا ليست مجرد علاقة الخالق الذى يقهر خليقته وينفذ إرادته بسلطانه كخالق وكسيد، لا… إنه رفع الإنسان إلى مقام أسمى من أن يكون كالحشرة أو كالحيوان الأعجم، لا…، لأن لهذا الإنسان كرامة وشرفه فى حريته، الحرية شرف الإنسان، وهذا السؤال بعض أولادنا يسألوه، إذا كان الله يعرف أن الإنسان سيخطىء لماذا تركه، كان يقدر أن يمنعهم من أن يقعوا فى الخطأ؟ والجواب على هذا واضح، أن الله لم يخلقنا كبشر على غرار الحيوانات العجماوات التى تحكمها الغريزة ولا حرية لها فى التصرف، لا..، كرامة الإنسان فى حريته، أعطاه العقل ليكون العقل له دليلاً يرشده، ولكن ليس من الكرامة أن يساوى الله بين الإنسان وبين الحيوانات العجماوات والحشرات لا..، هذه نظرة عظيمة للإنسان أنه على صورة الله وعلى مثاله، لم تُخلق الحيوانات العجماوات على صورة الله وعلى مثاله إنما خُلق الإنسان على صورة الله وعلى مثاله، وكما أن الله هو الحُرُ الأعظم فالإنسان على غرار إلهه فى الحرية، وكل شىء له ثمن، يترك الإنسان حراً ولكن لابد أن يكون هناك ثمن لهذه الحرية، أن يكون له الجزاء إذا استفاد وإذا انتفع وإذا استثمر هذه الحرية لخيره وخير الآخرين، ولكن أيضا لابد أن تكون له عقوبة إذا لم يعرف أن يستفيد من حريته فى خدمة نفسه وخدمة الآخرين. كل شىء له ثمن، كل موهبة لها مقابل، ثمن الحرية المقابل له الجزاء، فهنا وقف المسيح وجلس على البئر خارج المدينة، لم يفرض نفسه على أهلها، وعندما خرجوا إليه وطلبوا منه أن يدخل إليهم، دخل إليهم وبقى عندهم يومين، وقالوا للمرأة نحن الآن نؤمن به لا بسبب كلامك ولكننا لأننا رأيناه وسمعناه وتحققنا أنه المسيح مخلص العالم.
إذن مر المسيح بهذه المدينة لأن له فيها صيداً، وهذا ما قاله لتلاميذه عندما ذهبوا إلى المدينة يعدون له طعاماً، وجاءوا إليه بالطعام ليأكل، يامعلم قم تناول الطعام، فقال لهم: لى طعام آخر لستم تعرفونه أنتم، ما هو يارب طعامك؟ طعامى أن أعمل بمشيئة الذى أرسلنى وأُنجز عمله. هذا القول تكريم للآب السماوى، المسيح وضع نفسه كأنه المُرسَل، لكى يبين لهؤلاء الناس أنه لم يأت من تلقاء ذاته، وإنما تدبير الله بكل أقانيمه الآب والابن والروح القدس للخلاص .
طعامى أن أعمل مشيئة أبى..!
دائما كان يحرص السيد المسيح على أن يبين أنه لايعمل منفصلا عن الآب، فالإبن وهو يمثل اقنوم الرحمة، هو الله الذى نزل من السماء، إن اقنوم العدل فى الله الذى فى السماء هو معروف أكثر للبشر، من اقنوم الابن الذى استتر فى الجسد، فالسيد المسيح شاء أن يبين أنه لم يأت من تلقاء ذاته، إنما هذا هو تدبير الإله الذى اجتمع فيه عدله ورحمته، ” طعامى أن أعمل بمشيئة الذى أرسلنى وأُنجز عمله ” هذا نموذج وهذا مثل أعلى، هذه عبارة ذهبية نطق بها المسيح تصلح للبشر فى كل الأجيال، البشر يأكلون ويشربون وفى هذا يشتركون مع الحيوانات العجماوات، ولكن الإنسان له أيضا طعام آخر غير طعام الجسد به يُرضى روحه السامية التى نزلت من السماء، وأرواحنا فى سموها لها طعام وطعامها ليس كطعام الجسد، ولكن مع بالغ الأسى أحيانا وعند كثير من الناس تنسى الروح أصلها وتتبنى طعام الجسد وتسعى إليه، مع أنه ليس طعامها، وتُلزم الجسد بأن يأكل أكثر مما هو فى حاجة إليه، هذه هى الروح التى ضلت ونسيت أصلها، غفلت وتلهت، دخلت فى عالم الملاهى، نسيت مصدرها العظيم ومركزها السامى، نسيت أيضا أن لها طعام أسمى من طعام الجسد، طعام الجسد نافع للجسد ، لكن هذه الروح النازلة من السماء التى لا تولد من الأب والأم ولكنها تُنفخُ وتنزل إلى رحم الأم بعد أن تتكون بذرة الحياة الأولى، هذه الروح لها طعام آخر، لا يكفى الإنسان الراقى أن يأكل ويشرب لأنه فى هذا يشترك مع الحيوانات العجماوات، لكن أنت أيها الإنسان أسمى وأرفع مكان، لا يشبعك هذا الطعام الجسدانى فمهما أكلت تظل الروح حائرة وهذا هو ما نسميه بالقلق، ما هو القلق؟ هو عدم راحة روح الإنسان، القلق هو حالة نفسية، عدم راحة، قد يتوافر للإنسان طعام وشراب ومركز وعلم ومعرفة ومكانة وصداقة، تتوافر له أشياء كثيرة. ومع ذلك يقولوا أن عنده قلق، لماذا ؟ لأنه ينقصه شىء، لأن له طعاما آخر تلهى عنه، وبحث عن أمور أخرى لعلها تريحه، قد يتوافر له كل شىء ولكن تظل النفس حائرة. وهذا ما قالـه القديس أوغسطيـنوس ” يا إلهى إن النفس تظل حائرة قلقة إلى أن تجد الراحة فيك “، هذا هو القلق الذى يصيب الإنسان على الرغم من أنه قد يتوافر له كل مايريحه جسديا، وكل ما يجعل له الإستقرار الجسدى فى المكان وفى الزمان، لكن هناك شىء آخر عندما يكون غير مستوفى فى حياة الإنسان يشعر الإنسان بالقلق وعدم الاستقرار، فتبحث روح الإنسان عن هذا الشىء .
تلاميذه يقولوا له: يا معلم قم تناول الطعام، كان هذا بعد سفر حوالى ست ساعات على الأقل مشياً على الأقدام، ولا شك أنه أخذ وقت طويل يتكلم مع المرأة، فى أثناء ذهاب تلاميذه لإحضار الطعام، وعندما قالوا له: قم يامعلم تناول الطعام، اعتذر وقال لهم: لى طعام آخر لستم تعرفونه أنتم، طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأُنجز عمله.
فمن هذا التعبير الجميل، ومن هذه الجملة الذهبية، يتعلم الإنسان ويجعلها له مثلاً أعلى، يعمل على أن يكون أنبل وأسمى من أن يجد راحته وطعامه فى الأمور المادية.
إذا كانت النفوس كباراً تعبت فى مرادها الأجسام
النفس الكبيرة أعلى من أن يكون فقط شبعها فى الطعام والشراب والمسكن واللباس وما إليها، لا.. لها أحلام ولها طموح نحو ما هو أسمى وما هو نبيل وما هو جليل وما هو طاهر، هذه العبارة ياأولادنا تنفعنا، عبارة المسيح الذهبية، لى طعام آخر، هل أنت من هذا الطراز، لا تشبعك أمور المادة، فتتطلع إلى شىء آخر أسمى وأنبل وأعظم وأطهر من أمور المادة، إن كنت كذلك فهذا دليل على أنك فهمت ذاتك، وفهمت من أين أتيت، أن روحك آتية من فوق، وأن هذه الروح لها طعام وتريد أن تأخذ هذا الطعام، فعليك أن تتيح لها وأن تعطيها الفرصة بأن تأخذ من هذا الطعام لتشبع، لأنها راجعة بعد رحلتها، هل ترجع جائعة؟ ضعيفة، هزيلة؟ أم ترجع مزودة بالطعام الذى ينفعها للحياة الأبدية ؟
والشىء الغريب أن سيدنا يقول للمرأة اعطينى لأشرب، ودخل مع المرأة فى مناقشة، المرأة تقول له كيف تطلب منى لتشرب وأنت يهودى وأنا سامرية، واليهود لايخالطون السامريين، إلى آخر هذا الحديث الطويل الذى استرسل مع المرأة فيه، ومع ذلك لم يشرب، لأنه عطشان إلى شىء آخر، هو أب جاء من السماء، وفى غنى عن هذا الماء وقال للمرأة إن من يشرب من هذا الماء يعطش، أما الذى يشرب من الماء الذى أعطيه أنا، هو عنده الماء ويقدر أن يعطى ماء الحياة !!!
المسيح كان كأب، هو عطشان إلى خلاص هذه المرأة وإلى خلاص أهلها، هذا هو الذى يشبعه ويرويه كأب وكراعى، هو فى غنى عن هذا الماء، هو يستطيع أن يعطيه ويعطى أعظم منه، وقال لها: يا إمرأة لو كنت تعرفين عطية الله ومن الذى يقول لك أعطينى لأشرب لطلبت أنت منه، فأعطاك ماءً حياً، لو كنت تعرفين؟ أنت لا تعرفين من يكلمك، هل أنت أعظم من أبينا يعقوب؟ الذى أعطانا هذه البئر وشرب منها مع أولاده، لم يقل لها نعم أنا أعظم، إنما قال لها: من يشرب من هذا الماء لايلبث أن يعطش، فبدلاً من أن يقول لها: أنا أعظم من يعقوب ويدخل معها فى هذا الجدل أو هذا التفاخر الذى فى بعض الأحيان يقع فيه الإنسان لكى يبين أنه أعظم من غيره، لا .. قال لها: من يشرب من هذا الماء لايلبث أن يعطش، إنما الذى يشرب من الماء الذى أنا أعطيه لا يعطش إلى الأبد، بل الماء يصير فيه ينبوع لحياة أبدية، فقالت له مادام عندك هذا الماء اعطينى منه حتى لا آتى أيضا واستقى، وأستريح من حمل الجرة والحضور إلى البئر، قال لها: اذهبى واستدعى زوجك، لن أعطيكى لوحدك، لأنى عطشان إلى خلاصك وأيضا إلى خلاص الآخرين، ممن تعاملتى معهم وممن لم تتعاملى معهم، هو يريد أن تأخذ الماء الحى لها ولغيرها من القريبين إليها ومن البعيدين.
رسالة إلى السيدات:
هذه رسالة إلى السيدات، نرى أحيانا المرأة تواظب على الكنيسة، هذا حسن، ولكن زوجها لا يأتى إلى الكنيسة، أو بعيد عن الحياة الروحية وتقول أنها غير قادرة عليه، هنا السيد المسيح يقول لها: اذهبى واستدعى زوجك، لا أريدك لوحدك، أنا أريد زوجك معكِ، أنا أريد الأسرة كلها، يوجد رباط ربط بينك وبين زوجك، فأصبحت فى المسيحية أنت وهو جسد واحد، فلا بد أن تشعرى بمسئوليتك نحو زوجك، الزواج المسيحى ليس مجرد متعة، لا .. بل هو مسئولية، كيف تعلمين أيتها المرأة أن تُخلّصى الرجل، هذا الكلام يقوله الكتاب المقدس، كيف تعلمين أيتها المرأة أن تُخلّصى الرجل ؟ هذا يعنى أنكِ تقدرى أن تُخلّصى الرجل، فى المسيحية الزواج مسئولية، المرأة تشعر بمسئوليتها. إذا كنت عرفت طريق الله فلا بد أن تجعلى أقرب الناس إليك، الذى صار معك جسداً واحداً وهو زوجك لابد أن تحضريه، ومع بالغ الأسى أيضا أسمع إمرأة تقول إبنى لا يحضر إلى الكنيسة، ابنى بعيد عن الله لماذا؟ من المسئول عن هذا؟ أنتِ أول إنسانة تقودى إبنك إلى الخلاص وإلى المعرفة.
المرأة بدون مبالغة وبدون تهويل تسعة أعشار البيت، المرأة تقدر على أشياء يعجز عنها الرجل، الرجل قد يكون قوة عضلات، إنما المرأة بطول أناتها وحنانها ورقتها والمرونة التى أعطاها الله للمرأة، المرأة عندها مرونة، لو استغلتها ووظفتها مع رقتها وحنانها وابتسامتها واهتمامها، هذا الاهتمام والرعاية الموجودة فى المرأة تستطيع أن تصنع بها شيئاً كثيراً فى الأسرة .
وأحياناً المرأة تقول عن زوجها: أنه كان ممتاز ، وأحسن منى، لكن بعد الزواج بفتره ابتعد عن الله، المرأة إذا أحست أن زوجها ابتعد عن الله بعد الزواج، لابد أن تشعر بالإثم وتقول لعلى أنا السبب، قد أكون عملت شىء، قد يكون ضايقنى وأنا لم أعرف أن أكسبه لكى يستمر فى حياة الفضيلة، فإذا رجع إلى الوراء، تسأل نفسها كيف رجع إلى الوراء؟ لعلى أنا المسئولة، ثم تسأل نفسها ماذا تعمل لكى تعيده إلى الكنيسة، كيف أحضر للكنيسة لوحدى؟ لابد أن أشعر بمسئولية، يجب أن تحاسب المرأة نفسها لعلها تكون هى السبب، وأيضا تحاسب نفسها إذا قصرت فى استخدام الوسائل التى تقدر أن تجذبه إليها وتجذبه بالتالى للمسيح.
نحن لا نريد أن نحمل المرأة المسئولية، بمعنى أنها تقول ما هو ذنبى ولماذا تثقلوا علىّ الحمل، لا .. نحن لا نثقل يا ابنتى، تأكدى تماما أن المسيح يقول هذا لأنه وهب المرأة صفات وأهليات ومؤهلات تصنع بها الكثير، على الرغم مما يبدو أن المرأة عضليا أقل من الرجل، لكن هى أقدر من الرجل على أنها تشده إلى الكنيسة وإلى الإيمان وإلى المسيح، برقتها وحنانها وضعفها، لأن ضعف المرأة مع رجلها هو سلاحها، الذى به تقدر أن تتغلب على عوامل الكبرياء والغطرسة التى تكون أحيانا فى الرجال، تستطيع أن تعرف الأسلوب الذى تقدر أن تجذبه إليها وتجذبه إلى الإيمان، وتشعر بمسئوليتها وتحس أن كلام المسيح هنا موجه إليها. موجه إلى كل إمـــرأة، يا إمرأة اذهبى واستدعى زوجك.
كل كلمة من كلمات المسيح ليست مجرد المعانى اللفظية الحرفية، ولكن فيها معانى عميقة، عندما يقول: لى طعام آخر لستم تعرفونه أنتم، طعامى أن أعمل بمشيئة الذى أرسلنى وأُنجز عمله، هذا ليس مجرد كلام، بل شىء لابد أن أعمله، الإنسان مسئول أن يعمل ويشعر أن العمل الراقى السامى هو الذى يتمشى مع طبيعته السامية، ليست الأعمال العادية التى أنا أشترك فيها مع الحيوان، لا .. هناك أمور أخرى تَفَرّد بها الإنسان وأصبح يسمو بها عن الحيوانات والحشرات، هذه الأمور التى ينبغى أن يطمح الإنسان إليها ويطمع للوصول إليها، ليس بالخيال وإنما أن ينجز ما تقتضيه طبيعته السامية، نحن خلقنا آلهة على الأرض، هذا ليس كبرياء لأن الله أعطانا مواهب وقدرات، الخالق أعطانا هذه الإمكانات لكى نتاجر بها، وإن لم نتاجر نكون كسالى، ونصير مثل من طمر فضة سيده، فقال له: ” أيها العبد الشرير والكسلان، لماذا طمرت فضتى فى الأرض “، أنا أعطيتها لك لكى تتاجر فيها ولكى تستثمرها، فكل وظيفة وكل موهبة أعطاها الله للإنسان، هى عطية من فوق لكى يُشَغّلها ويوظّفها ويخلق بها، بمعنى أنه كون الإنسان يوجد ويبتكر، هذا الإبتكار هو خلق، خلق بالقدرات التى أعطاها الله للإنسان، هذه القدرات من الله فإذا خلق الإنسان بها لا يكون هذا كبرياء، ولكنه بذلك يكون قد عرف لماذا خلقه الله؟ الله خلقه ليعمل، وليوظف ما أعطاه الله من مواهب وقدرات.
الأمر الثانى: اذهبى واستدعى زوجك، لا تأتى لوحدك، أنا عطشان إليك وإلى خلاصك وإلى خلاص زوجك وأسرتك وأهلك، ولذلك ذهبت المرأة وتركت جرتها، ذهبت تقول لأهلها: تعالوا انظروا رجلاً قال لى كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح!! فإنتقلت إلى دور أنها تُعرّف الآخرين، وتستدعى الآخرين وهذا ما يريده السيد المسيح، تركت جرتها وذهبت وعَلّمت وعرّفت الآخرين بالمسيح، وخرجوا إليه، حضروا بإرادتهم، لكنها كان لها فضل أنها لم تقبع فى مكانها إنما تحركت لتعمل شيئا.
وهكذا المرأة فى بيتها، هى ملكة البيت، تستطيع أمور كثيرة لو عرفت أن تستغل مواهبها والقدرات التى أعطاها الله إياها والإمكانات .
ربنا يسوع المسيح يحافظ عليكم جميعا وله الإكرام والمجد إلى الأبد آمين .